في لحظة مفصلية على الصعيدين الإقليمي والدولي، جاءت الأنباء عن عودة مئات الأعضاء في جماعة "الاخوان المسلمين" السورية من المنفى إلى وطنهم، بالرغم من أن القانون السوري الحالي يعاقب كل من تثبت عضويته في الجماعة بالإعدام.

مراقب عام الجماعة الحالي محمد وليد أوضح أنّ قيادة "الإخوان" تشجع على العودة، لافتاً إلى أن "النواة" الحالية سيكون عليها شرح أهداف الجماعة ومبادئها، لكن هناك الكثير من الأسئلة التي تُطرَح حول هذا الموضوع، لا سيما على صعيد علاقاتها مع الفصائل التي تسيطر على المناطق التي تصنفها بـ"المحررة"، وبالنسبة إلى الأهداف من إعلان هذه الخطوة في الوقت الراهن.

العودة التي يتم الحديث عنها، تشمل مناطق حلب وإدلب وريفيهما، بالإضافة إلى ريف حماه، والتنظيم المقرب من الحكومة التركية يواجه صعوبات على صعيد العلاقات الدولية، لا سيما بعد تطورات أحداث "الربيع العربي"، حيث صنف "إرهابياً" في بعض الدول العربية، لا سيما الخليجية منها.

الهدف، بحسب ما هو ظاهر، إعادة بناء الجماعة لتكون مشروعاً سياسياً في المرحلة المقبلة، فتواجدها العسكري كان واضحاً في الفترة السابقة عبر دعمها بعض الفصائل، لكن على الصعيد الشعبي والجماهيري تحتاج إلى عمل طويل، خصوصاً في ظل المصاعب التي تواجهها على أكثر من جبهة.

في هذا السياق، يوضح المتحدث الرسمي السابق باسم الجماعة ​زهير سالم​، عبر "النشرة"، أن التشجيع على العودة إلى الداخل السوري سياسة عامة منذ إنطلاق "الثورة" لا مستجدة، ويؤكد أن الموضوع لا يرتبط بالمشروع السياسي، حيث أن "الإخوان المسلمين" حركة فاعلة منذ سنوات طويلة، وهي ممثلة في "الإئتلاف الوطني السوري"، وجزء من التركيبة السياسية وتحتل موقعها.

أما القيادي في الجماعة ​فاروق طيفور​، فيؤكد أن بعض الأعضاء عادوا بعد "تحرير" بعض المناطق والمدن التي هم منها، لكنه يشدد على أن هذه العودة محدودة بسبب الظروف التي لا تزال غير ملائمة، ويرى أن البعض يغامر من أجل أن يكون إلى جانب أهله في هذه المرحلة.

ويؤكد طيفور، في حديث لـ"النشرة"، أن إعادة إحياء الجماعة، التي تتخذ من المنفى مركزاً لها، هو من أهم أهداف العودة، إلا أن الظروف من وجهة نظره غير مشجعة على ذلك.

بالإضافة إلى الإتصالات المقطوعة مع النظام، حيث يُوصف أنصار الجماعة بـ"الإخوان الشياطين"، هناك العلاقة مع التنظيمات المتطرفة التي تكفرهم، لتزيد من التحديات الصعبة الموضوعة على بساط البحث، إلا أن لدى "الإخوان المسلمين" قراءة مختلفة، وهنا يوضح طيفور حقيقة تواجدها العسكري في الداخل، فيشير إلى أنها دعمت بعض الفصائل القريبة من فكرها الإسلامي الوسطي، ويلفت إلى أن القيادة تلمس من خلال الإحتكاك مع الناس في الداخل أنهم يريدون الإسلام المعتدل الذي ليس لديه أي ميل نحو التطرف.

ويؤكد طيفور أنه في المناطق "المحررة" من الناحية الشرقية، أي الجزيرة وجزء من بادية الشام حتى الرقة تكاد تكون العودة معدومة، بسبب سيطرة تنظيم "داعش" الذي يعادي الجماعة بشكل مطلق، لكن في المناطق الأخرى التي يتواجد فيها عناصر جبهة "النصرة" لا مشاكل.

من جانبه، يرفض سالم ربط الموضوع بتشجيع تركي، يلفت إلى أن أنقرة قريبة من سوريا ومن شعبها، لكنها لا تملي على الجماعة ما يجب أن تقوم به، ويشدد على أن لدى "الإخوان" سياسة مستقلة.

ويتحدث سالم عن العلاقة مع باقي الفصائل، لا سيما المتطرفة منها، فيشير إلى أنه في البداية هناك نوع من التلامس ومن ثم الإحتكاك والجدال الحامي وصولاً إلى الصدام، إلا أنه يفرق بين تنظيمي "داعش" و"النصرة"، ويرى أن هناك فرقًا في الدرجات، لكن يؤكد أن لدى الجماعة مشروعها السياسي المستقل، ويعتبر أن المشروع السياسي الإسلامي المعاصر يجب أن يكون إبن عصره ويتطلع إلى المستقبل.

بالنسبة إلى طيفور، تصرفات "النصرة" لا ترتقي إلى مستوى تصرفات "داعش"، لدى الجبهة بعض "الهفوات" التي من الممكن القول أنها "فردية" أو "مناطقية"، ويرى أنها تساعد في "تحرير" بعض المناطق ودعم "الجيش السوري الحر".

يرفض طيفور الحديث عن وجود شراكة أو تعاون، ويحدد العلاقة بمعادلة: "لا بتجوا صوبنا ولا منجي صوبكم"، إلا أن ذلك لا يمنع التنسيق في بعض المعارك والدخول في غرف عمليات مشتركة، ويضيف: "هناك تعاطٍ محدود ورغبة بالحوار من أجل العودة إلى الخط الوسطي ونأمل النجاح في ذلك".

أما في ما يتعلق بالعلاقة مع الدول العربية، خصوصاً الخليجية منها، يؤكد طيفور أن لا مشكلة لدى "إخوان" سوريا في هذا المجال، حيث يكشف عن تبلغهم من قبل مسؤولين بارزين أن قرار تصنيف الجماعة "إرهابية"، في وقت سابق، لا يشملهم.

في المحصلة، هي دعوة لافتة في توقيتها، حتى لو شددت قيادات الجماعة على أنها غير مستجدة، فهل تكون مقدمة لخطوات أخرى في الجانب السياسي؟