يأمل اللبناني، مع كل اطلالة اسبوع جديد، ان تكون معطياته أكثر تفاؤلاً من معطيات الاسبوع الذي سبق، يمضي الاسبوع فيكتشف ان آماله كانت معلقة على حبال من هواء، وهكذا دواليك حتى ليبدو ان البلد يسير من سيئ الى أسوأ على رغم كل جرعات التفاؤل الذي يحاول بعض المسؤولين والسياسيين ضخها في الجسم اللبناني.

لكن دوامة اعطاء جرعات التفاؤل لم تعد تجدي لأن المعطيات تسبق الآمال، ومن هذه المعطيات:

الاسبوع المقبل تحل الذكرى السنوية الاولى للشغور في موقع رئاسة الجمهورية. لم يحدث في تاريخ لبنان بعد اتفاق الطائف، ان حصل هذا الشغور طوال هذه المدة، ففي الفترة التي فصلت بين عهد الرئيس لحود وانتخاب خلفه، استمر الشغور ثمانية أشهر، اما اليوم فنحن في الشهر الثاني عشر من دون ان يلوح في الأفق ما يشير الى ان الانتخابات باتت قريبة، بل انها اصبحت مرتبطة أكثر من أي يوم مضى بأكثر من ملف وتطور وقضية، وما لم تتبلور هذه القضايا فلا انتخابات رئاسية في المدى المنظور.

منذ عام، كان هناك انتظار لما سيؤول اليه الوضع في سوريا، والذي على اساسه يتحدد مصير ومسار الرئاسة في لبنان، تأخر تبلور الوضع هناك فتأخر حسم الوضع الرئاسي هنا.

أضيف الى هذا المعطى الملف النووي الإيراني الذي تمّ التوصل في خصوصه الى اتفاق اطار في آذار الماضي على ان يكون الاتفاق النهائي في حزيران المقبل، أو هكذا يفترض، وهذا المعطى يجعل انتخابات الرئاسة في لبنان مؤجلة الى حين التبلور نووياً.

معطى ثالث يتوجب انتظاره وهو حرب اليمن، فنتائج هذه الحرب ستؤدي الى تحديد موازين القوى في المنطقة بين أكثر من بلد، ولأن هذه البلدان لها تأثير بشكل أو بآخر على لبنان فإنه سيتأثر بما ستؤول اليه حرب اليمن.

هكذا، كنا في جمهورية الانتظارات الداخلية فصرنا في جمهورية الانتظارات الخارجية، ومع اكتمال الانتظارات، داخلياً وخارجياً، فإن البلد صار في حالة انعدام الوزن، تلك هي الصورة التي يمكن تقديمها للرأي العام، وفي ما عدا ذلك فإنه لا يعدو كونه محاولات بيع اوهام للناس.

لكن الناس لم يعودوا يؤخذون ببيع الأوهام ولا بشرائها بل تعلموا كيف يكونوا واقعيين، وهذه الواقعية تدعوهم الى المزيد من التشاؤم على رغم كل الجهود المبذولة، وهي ليست بالتأكيد جهود حكومية بل جهود من خارج الحكومة، وفي هذا الاطار تندرج الجهود التي يقوم بها الرئيس سعد الحريري الذي تحوَّل الى مؤسسة ديبلوماسية بكل ما للكلمة من معنى، فوجهته التالية موسكو بعدما كانت واشنطن، وما بينهما باريس والرياض وانقرة، هذه الحركة هي للتعويض عن النقص الذي تعانيه الحكومة والذي يصل احيانا الى حدود العجز.

وفي انتظار انتهاء الانتظارات ماذا تقترح الحكومة على الناس ان يفعلوا؟ ربما لم يعد لديها أي اقتراح.