بعد الكثير من المدّ والجزر، وبعد تأزّم غير مسبوق في العلاقة بين الأحزاب الإسرائيلية المختلفة، أعلِن عن تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي سارع البعض لوصفها بأنّها الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل بسبب الطريقة التي خرجت بها.

واعتبر محللون ومختصّون في الشأن الإسرائيلي أنّ هذه الحكومة لن تعمّر، مرجّحين أن تشكّل استكمالاً لنهج حكومة نتانياهو الثالثة والثلاثين، واستبعدوا أن تقوى على مواجهة التحديات الكبيرة التي تنتظر "إسرائيل"، معتبرين أنّ الرهان عليها للذهاب نحو تسوية مع الفلسطينيين بأيّ شكلٍ هو واهمٌ بكلّ ما للكلمة من معنى.

حكومة مؤقتة

وفي هذا السياق، لا يتردّد المختص في الشأن الإسرائيلي ​أكرم عطالله​ من وصف الحكومة الإسرائيلية الجديدة بأنّها "مؤقتة"، خصوصًا بعد أن لجأ رئيسها ​بنيامين نتانياهو​ إلى توسيعها في اللحظة الأخيرة، ليمكّنها من الخروج للنور والحصول على الأصوات المطلوبة داخل الكنيست.

ويوضح عطالله، في حديث لـ"النشرة"، أنّ نتانياهو تعرّض لحملات انتقادٍ كبيرة خصوصًا من رئيس "البيت اليهودي" نفتالي بينيت، في حين لم يكن هناك مستعٌ من الوقت لنتانياهو للمباشرة بإجراء اتصالاتٍ مع الأحزاب الأخرى لإقناعها بالانضمام للحكومة، على غرار المعسكر الصهيوني وحزب "مائير لابيد" اللذين تجاهلهما نتانياهو طويلاً بشكلٍ متعمّد.

وإذ يرى عطالله أنّ "ما حدث يدل على مستقبل هذه الحكومة القريب، إذ ترك تداعيات على حزب الليكود الذي انهزم أمام مطالبات نفتالي بينت"، شدّد على أنّ هذه الحكومة ليست سوى استمرار لحكومة نتانياهو السابقة، بل هي الأكثر تطرفاً في تاريخ "إسرائيل"، مشيراً إلى أنّ أيّ حكومة من هذا النوع لم تمرّ عليها منذ عقود، وربط ذلك بما أسماه ديموغرافيا المتدينين والقوميين اليهود الذين تزداد كتلتهم كلّ مرّة، قائلاً: "هذا واقع ديموغرافي تتطور باتجاهه اسرائيل".

وجه إسرائيل المتطرف

ولا يختلف المحلل السياسي ​حسن عبدو​ في تحليله كثيراً عن عطالله، حيث يرى بدوره أنّ الحكومة الإسرائيلية الجديدة ضيقة، ملاحظاً أنّها ولدت مأزومة، مشدداً على أنّ أزمتها لا تختلف عن الأزمة التي جعلت بنيامين نتانياهو يذهب لانتخابات.

وفي حديث لـ"الشنرة"، يشرح عبدو أنّ هذه الحكومة غير قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية داخلياً وخارجياً، لافتاً إلى وجود قناعة حتى لدى المراقبين الإسرائيليين بأنّها لن تصمد، بل إنّها لن تصل حتى إلى منتصف المدّة القانونية.

ويلفت عبدو إلى أن الرأي العام الإسرائيلي لم يتعود على وجود تناقض كبير في الرؤية بين إسرائيل والمراكز العالمية كالولايات المتحدة وأوروبا وروسيا، هو يرى انطلاقاً من هذه المعطيات أنه يمكن لمثل الحكومة أن تعزز العزلة الدولية لإسرائيل.

ويخلص عبدو إلى أنّ هذه الحكومة هي وجه اسرائيل الحقيقي المتطرف، ويستبعد أن تحقق شيئاً في ما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين، بل يعتبر أنّها جاءت لتغلق مسار التسوية.

أخيراً، من الواضح أن تشكيلة هذه الحكومة لن تأتي بحلول مع الفلسطينيين، وهي ضد السلام وضد حل الدولتين وستعزز الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة والقدس، وبالتالي فإن برنامجها سيكون أكثر تطرفاً وسيجعل العلاقة مع الفلسطينيين عقيمة.