لم تعد ​التعيينات الأمنية​ تحتمل التأجيل والقرار في هذا الخصوص سيُتّخذ في مجلس الوزراء. وفي هذا الاطار تتقاذف الكتل السياسية مواقف متناقضة بعد الحسابات السياسية التي تجعل كل فريق غير قابل بطرح الفريق الآخر منعاً لتسجيل انتصارات سياسية.

وبين الخيارات الواضحة التي اتّخذها "حزب الله" في الوقوف الى جانب رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون في معركة التعيينات الأمنيّة، تبدو قوى الرابع عشر من آذار مُجمِعة ضدّ وصول العميد ​شامل روكز​ الى قيادة الجيش من دون الاستحصال من النائب عون على تنازل صريح عن ترشّحه لرئاسة الجمهورية، حيث لا تزال ثمّة مواقف ضبابية غير واضحة في هذا الاطار. من جهتهما، رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط وحليفه الأزليّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري لم يحسما خيارهما بعد، ولم تصدر عنهما مواقف علنية بدعم أي مرشّح، في حين أن رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية وعلى الرغم من عدم رفضه العلني وصول العميد روكز، غير أنه لم يعد يحتمل تعاظم القيادات العونية شمالاً على حساب تيّاره.

ولكن، وأيًّا تكن الاعتبارات ولهذه الأسباب بالتحديد، قد يكون العميد شامل روكز قائداً للجيش:

- عدم قدرة فريق الرابع عشر من آذار وعلى رأسه "تيار المستقبل" على تحمّل الشغور في قيادة الجيش اللبناني، ما سيؤدي الى ضعف في معنويات الجيش الذي يواجه الارهاب التكفيري.

- عدم قبول اللاعب الدوليّ بالوصول الى الشغور أيضًا.

- عدم قدرة أي فريق لبناني على تحمّل شغور مارونيّ جديد، الأمر الذي يهدّد الكيان اللبناني برمّته.

- حاجة "تيار المستقبل" الى ايصال العميد عماد عثمان الى قيادة المديرية العامة لقوى الأمن ومنع الشغور في قيادة قوى الأمن الداخلي.

- ارتياح سياسي لـ"حزب الله" المنهمك في معاركه العسكرية، وغير المستعجل في الحلول السياسية الداخلية على عكس "تيار المستقبل" الذي بدأ يعاني على صعيد القاعدة الشعبية وقضم هيمنته الطائفيّة في الدولة.

- عدم دخول الجيش اللبناني في معركة القلمون وظّفها بعض قيادات الثامن من آذار ضد القيادة.

- تمسّك النائب ميشال عون بموقفه ورفضه المقايضة بين ترشّحه لرئاسة الجمهورية وطرح العميد روكز لقيادة الجيش يُحرج الحكومة والحلفاء، خصوصًا وأنّ إسقاط الحكومة يضرّ بـ"تيار المستقبل" كما بالأفرقاء كافة.

- سقوط مقولة عدم وصول رجلين من نفس الخط السياسي الى قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية خصوصا وأن الأمر لا ينطبق على رئاسة مجلس الوزراء والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ورئاسة مجلس النواب والمديرية العامة للأمن العام.

- تصرّف النائب ميشال عون على قاعدة أنه الرئيس المقبل للجمهورية وهو من يحق له المطالبة بتعيين قائد للجيش الأمر الذي يمهّد الطريق الى وصوله الى رئاسة الجمهورية ومن باب القيادة الأحب الى قلبه.

- كفاءة العميد شامل روكز واعتراف جميع الكتل السياسية بأحقيّته في الوصول الى القيادة.

اذا لم تعد المشكلة في وصول العميد روكز أو عدمها، بل في كيفية التوافق على آلية الوصول من دون تكبّد خسائر سياسية كبيرة. فسقوط الحكومة يرعب اللاعبين السياسيين ويعيد طرابلس مدينة متطرّفة، ويعيد شبح التفجيرات الأمنية الى الساحة. وبانتظار التوافق على رئاسة الجمهورية لن يكون أمام القوى السياسية سوى القبول بالعميدين شامل روكز وعماد عثمان على رأس قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي.