ما ان اطلق وزير العدل أشرف ريفي حملته ضد المحكمة العسكرية على خلفية الحكم الذي صدر بحق وزير الاعلام السابق ميشال سماحه، حتى وجد إسلاميو طرابلس ظرفاً مناسباً لإعادة تحريك ملف موقوفيهم، خصوصاً بعدما إتصل رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري بريفي مباركاً الحملة وطالباً من وزراء التيار ونوابه مواكبتها الأمر الذي دفع بالوزير نهاد المشنوق للوقوف جنباً الى جنب مع ريفي وهي من المرات النادرة التي يدعم فيها أحدهما الآخر.

نزول الإسلاميين الى الشارع مستغلين الحملة ضد المحكمة لا يعني أبداً تبني تيار المستقبل لكل ما يقوم به هؤلاء من تحركات، ولا يعني ايضاً ان التيار سينجرّ وراء الأهالي إذا حاول جناح فيه تحويل الحملة ضد المحكمة العسكرية، للمطالبة بالإفراج عن مرتكبين خطرين يستطيعون في أي لحظة إعادة تحريك الشارع الطرابلسي أمنياً "وهذا أمر مرفوض راهناً بالنسبة الى قيادة التيار" تقول أوساطه. عقارب الساعة لن تعود الى الوراء في عاصمة الشمال تتابع الأوساط عينها لأن المجتمع الطرابلسي المكوّن من حوالى ألف نسمة يحق له أن ينعم بالسلام الذي يعيشه منذ الضربة النوعية التي نفذها الجيش اللبناني في باب التبانه، والتي فكّكت المربع الأمني الذي أقامه الإرهابي شادي المولوي. فعاصمة الشمال تعيش اليوم النعيم الأمني الذي طالما اشتاق سكانها اليه منذ سنوات وتحديداً منذ أحداث السابع من أيار وما تلاها من جولات قتال بين باب التبانه وجبل محسن، وكل المؤشرات في شارعها تدل الى استمرار الهدوء على ما هو عليه اليوم، لذلك ممنوع على أحد أن يهز أمنها لسبب يتعلق بملف الموقوفين الإسلاميين أو بغيره.

وفي هذا السياق يقول نائب طرابلسي "إن القرار السياسي الذي وضع حداً لكل الحالات المسلحة في طرابلس ومنع كل ما يمكن أن ينتج عنها من إخلال بالأمن، هو الإنجاز الأهم الذي تحقق في المدينة منذ سنوات طويلة وما دام هذا القرار موجوداً تبقى الأمور تحت السيطرة لأن المشكلة كانت مرتبطة في الماضي بالقرار لا بتنفيذه على الأرض والأكيد أن العجز لم يكن يتعلق بعدم قدرة الجيش والقوى الأمنية علىالحسم بل بالقيود التي كبلت أيادي هذه المؤسسات الأمنية".

والأهم بهذا القرار السياسي أنه لم يقتصر فقط على إنهاء الحالة الشاذة التي كان يشكلها مربع المولوي بل تضمن أيضاً تدابير أمنية عدّة ساهمت في إرساء الهدوء في عاصمة الشمال عموماً وباب التبانه بشكل خاص.

هذه القرارات يلخصها أحد الأمنيين، على الشكل التالي:

-أولاً عدم السماح بعد اليوم بعودة مربع المولوي أو اي مربع آخر، أي بمعنى آخر فإن ضرب أي حالة مشابهة سيكون في بدايتها وقبل أن تكبر وتنظم صفوفها وتحصل على عطف عشرات الشبان كما حصل مع المولوي وقبله احمد الاسير.

-ثانياً وضع القرار المتخذ حداً لكل المساعي السياسية الهادفة الى اطلاق سراح قادة المحاور السابقين الذين شاركوا بجولات القتال بين التبانه وجبل محسن، ونفذوا عمليات ضد مراكز الجيش والسبب ان هؤلاء لهم تأثيرهم على الشارع ويستطيعون تحريكه اذا حصلوا على الدعم السياسي والمالي.

-ثالثاً عدم السماح للتدخلات السياسية الطرابلسية بإطلاق سراح حسام الصبّاغ الرأس العسكري المدبر في باب التبانه والإصرار على محاكمته بعيداً عن اي تسوية سياسية.

-رابعاً انتشار الجيش بشكل واسع في باب التبانه وتكثيف نقاطه أكثر من أي وقت مضى.

إذاً الحملة الزرقاء على المحكمة العسكرية شيء وملف الإسلاميين شيء آخر، فهناك سقف أمني لأي تحرك والأمور يجب ان تبقى تحت السيطرة كل ذلك، بقرار من الحريري نفسه.