دخلت ​القوة الامنية الفلسطينية​ المشتركة الى منطقة الطوارئ للمرة الاولى، اسقطت ضمنيا هالة الرعب التي كانت سائدة عنها، واعلنت بشكل غير مباشر احتضان عين الحلوة سياسيا لهذه المنطقة التي شكلت على مر سنوات مصدرا للتوتير الامني وبقراءة اخرى قررت العودة الى حضن المخيم الذي بذلت قواه السياسية جهودا حثيثة في اسقاط مربعه الامني، غير ان التساؤل اللافت لماذ انصاع او وافق "الشباب المسلم" وهو بقايا "جند الشام" و"فتح الاسلام" الذي يسيطر على المنطقة امنيا وتعتبر معقله الرئيسية على هذه الخطوة؟

ثمة من يقول ان نتائج معركة "القلمون" السريعة والنظيفة فرضت نفسها على واقع التعمير مع انهزام "جبهة النصرة" والارهابيين فخبى مشروع التوتير في لبنان وانكفأت المناطق الساخنة على نفسها ومن بينها الطوارىء بانتظار تطورات جديدة.

وثمة من يقول، ان الضغط الفلسطيني اللبناني السياسي والامني الذي مورس عليهم بعد جريمتي اغتيال عنصري "سرايا المقاومة" مروان عيسى ومجاهد بلعوس، جعلهم يشعرون انهم امام خيارين أحلاهما مر: إما الموافقة على الخطوة الفلسطينية او ترك المعالجة لعملية امنية لبنانية او المواجهة مع الجوار اللبناني دون ان تكون لهم حاضنة فلسطينية ولا حتى اسلامية.

ومهما يكن من قراءات، فان خطوة الانتشار جرت بالتنسيق مع "لجنة الحي" التي تدير أموره خدماتيا وحياتيا ومع "الشباب المسلم" الذي يمسك بزمام الامن عسكريا، من اجل ضمان نجاحها وتكريس الهدوء على قاعدة انها لا تستهدف احدا، حيث تؤكد مصادر فلسطينية لـ "النشرة" انهم حصلوا على "ضمانات" بعدم التعرض لهم او تضييق الخناق عليهم اثناء الانتقال الى المخيم على اعتبار ان الحاجز العسكري عند محطة جلول في الشارع التحتاني هو الممر الوحيد لهم في ظل سيطرة حركة "فتح" على الممر الاخر في الشارع الفوقاني حيث معقلها الرئيسي في منطقة البركسات، اذ سبقه اجتماع بين ممثل اللجنة الامنية العليا والناطق الرسمي باسم "عصبة الانصار الاسلامية" الشيخ ابو شريف عقل ولجنة "حي الطوارئ" وممثلين عن "الشباب المسلم" حيث اتفقوا على تسهيل المهمة مع "ضمانات" بأنها لا تستهدفهم، سيما وانه قرار قد اتخذ قبل أيام على إغتيال عنصر في "سرايا المقاومة" مروان عيسى.

وهذه الضمانات، دفعت "تجمع الشباب المسلم" للمسارعة الى مباركة الخطوة، حيث قال في بيان بعد ساعات قليلة "انه انطلاقا من شعورنا بالمسؤولية في دفع ضرر وفساد المفسدين الحاقدين وجلب المصلحة وتحقيقها للمسلمين، قمنا بتبليغ المعنيين بأنه لا مانع لدينا من تثبيت حاجز للقوة الأمنية عند محطة جلول، وذلك عندما تمت استشارتنا بذلك، ولم ولن نتأخر عن أي أمر فيه مصلحة للمسلمين في ​مخيم عين الحلوة​ ولو كان ذلك على حساب أرواحنا وأنفسنا، جزى الله خيرا كل صادق أمين يريد النصح للمسلمين ويعمل لنصرة الحق وأهله".

بالمقابل، ترك هذا الانتشار والتموضع عند عند حاجزي الطوارىء–عين الحلوة بسبعين عنصرا وضابطا، والذي تأجل مرات عدة لان الظروف لم تكن قد نضجت بعد، ارتياحا في اطار تعزيز الخطة امنية وتحصين امن والاستقرار داخل المخيم عين الحلوة والجوار اللبناني هو بالمفهوم الفلسطيني يقطع الطريق على اي محاولة جديدة لتوتير الوضع او تفجيره، في منطقة عانت فراغا امنيا لبنانيا وفلسطينيا منذ انتشار الجيش اللبناني في منطقة صيدا في تموز عام 1991، ناهيك عن تداخلها السياسي الوطني والاسلامي، اللبناني والفلسطيني والمذهبي السني-الشيعي.

ووصفت أوساط فلسطينية الخطوة بانها استعادة ضمنية لـ"حي الطوارىء" الى مخيم عين الحلوة واحتضانه سياسيا وأمنيا، على أمل ان يكون مقدمة جدية لاسقاط "المربعات الأمنية" التي عانى منها المخيم منذ سنوات، حيث كانت بعض المناطق ومن بينها "الطوارىء" تعتبر عصيّة على "القوة الامنية المشتركة" او على التنقل فيها بحرية.

وكان اللافت في عملية التموضع والانتشار الجولة الميدانية التي قام بها اعضاء اللجنة الامنية بمن فيهم مسؤولي حركة "فتح" الى قلب "حي الطوارىء" حيث ساروا مشيا على الاقدام في الشارع الرئيسي وصولا الى الشارع الفوقاني برفقة اعضاء من لجنة الحي الترحيب والارتياح من الاهالي رغم ارتفاع درجات الحرارة. وقد علق الشيخ عقل "ان الحرارة تجتاح كل المناطق اللبنانية والدنيا الا في الطوارىء ومخيم عين الحلوة فانها بردا وسلاما" في اشارة ضمنية الى "انجاز عملية الانتشار والجولة دون اي مشاكل او اعتراض".

وثمن الشيخ عقل عبر "النشرة" هذه الخطوة الطيبة التي هي ثمرة لجهود الاخوة كافة في اللجنة الامنية العليا وبطلب رسمي من اهلنا في مخيم الطوارىء، هذا الحي الذي نعتبره جزءا لا يتجزأ من مخيم عين الحلوة وأمنه هو ايضا جزء لا يتجزأ من المخيم و"تجمع الشباب المسلم" ابدوا اعلى درجات الحرص على المخيم وأمنه وهذه الخطوة هي حلقة في سلسلة ستتم من خلال الاشهر القادمة تكون النتيجة فيها انتشار القوة الامنية المشتركة في كافة ارجاء المخيم لنؤكد للجميع انه لا يوجد مرجعات أمنية داخل عين الحلوة، والمخيم آمن ومستقر والى مزيد من الامن والاستقرار للمخيم وللجوار".

أما قائد القوة الامنية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح فقال "ان شاء الله لن يكون هناك مربعات أمنية، فحي الطوارىء هو جزء لا يتجزأ من مخيم عين الحلوة ونحن كقوة امنية واجبنا ان نقوم بمهامهنا على أكمل وجه ونعتبر ضبط والامن والحفاظ على امن الجوار هو واجب فلسطيني وسيبقى الفلسطيني في لبنان صمام امان وعاملا ايجابيا وهذا قرار فلسطيني لا تراجع عنه"، منوها بدور كل الذين ساهموا في انجاح هذه الخطوة، قائلا "هذه خطوة ورحب بها الشباب المسلم ولعبوا دورا مع كل القوى الفلسطينية لتسهيل عملية الانتشار وقلنا اي شخص او اي مجموعة تريد خرق هذه السفينة، سيتم الضرب على يدها ولافع الغطاء لسياسي عن اي شخص يريد العبث بأمن المخيم او الجوار وهذا قرار فلسطيني جامع وهذا القرار رحب به الشباب المسلم وكل شعبنا الفلسطيني ونحن ماضون في هذه الخطة وخلال ايام قليلة سيتم الانتشار بباقي المناطق بكل ارجاء المخيم".