لا شك بأن رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون لن يقبل ولا يتقبل ان يتم تجاوزه كزعيم مسيحي في التعيينات الامنية والعسكرية خصوصا في ظل تبنيه لتعيين قائد فوج المغاويرالعميد الركن شامل روكز، قائدا للجيش اللبناني معززا باندفاعته هذه بجرعة دعم وفرها له رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، بحيث لم يمر تجاوز عون من دون ردة فعل من جانبه لم تظهر معالمها بعد لكونه يريد ان يفاجئ الاخصام والحلفاء الذين لم «يصلدوا» معه في خطوته هذه رغم اندفاعته في محورهم من دون تخوفه لمترتبات علاقته معهم التي كبدته حتى حينه عدم دخوله قصر بعبدا رئيسا للجمهورية.

لكن بعيدا عن المواقف التصاعدية الحادة لعون، فان تعطيل الحكومة اضحى هدفا ثالثا في سلم استراتيجيته الى جانب طموحه الاول المتمثل بانتخابه رئيساً للجمهورية، والثاني القاضي بتعيين روكز قائداً للجيش اللبناني، لاعتباره ان تيار المستقبل هو المستفيد الاكبر والاول والاساسي من بقاء الحكومة كإطار سياسي يشكل مكسبا لرئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري وبعد ان تبين لعون ان الفريق السني جد مستفيد من هذا الواقع على حساب كافة القوى والمذاهب اذ في قناعة رئيس التيار الوطني الحر حسب مطلعين ان تيار المستقبل لا يريد اعطاء المسيحيين اي موقع او منصب لكي لا «يستطعموا» ويعودون الى المطالبة لاحقا بغير مراكز ولذلك لن يتمكن من ترجمة حجمه السياسي بالوصول الى قصر بعبدا او تعيين روكز على رأس المؤسسة العسكرية وان هذا الهاجس لا يجول في رأسه وحده بل ان رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع قد امتلك هذه القناعة ايضا «ويتقاسم معه القلق من عدم تساهل تيار المستقبل مع المسيحيين واحزابهم» وهو عانى هذا الامر معهم في محطات عدة وبات كل من التيار والقوات على قناعة بضرورة التضامن غير المعلن لتدارك هيمنة تيار المستقبل.

وفي ظل اتجاه عون لتعطيل الحكومة وادخال رئاسة الحكومة الفراغ على ما هي عليه الرئاسة الاولى يتابع المطلعون فان هذا القرار دونه معوقات حسب اوساط سياسية في 8 اذار وتكمن في القرار النهائي لامين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي يتخذ موقفه على وقع التطورات الميدانية المقلقة في سوريا، فان تضامنه مع عون ودعمه لقراره يتخذه وفق حساباته، اذ ان حزب الله لن ينجر الى معارك داخلية لا تتناسب مع توقيته وهو قادر ان يتخذ الخطوات النوعية والدراماتيكية عندما يلمس انه في حاجة اليها وعلى غرار 7 ايار، اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري بعد اتفاق الدوحة، وانتشار شبانه بالقمصان السود في بيروت على ما اعلن في بيان واضح، وذلك فان تبادل المواقف الحادة بين الرئيس الحريري والسيد نصرالله بعد عاصفة الحزم لم تنسف التسوية السنية - الشيعية التي انتجت الحكومة ولم تسقط الحوار الذي يرعاه رئيس مجلس النواب نبيه بري ولكون المصلحة المشتركة لدى كل من المستقبل وحزب الله للحفاظ على الاستقرار السياسي بمفاعيله المطوقة للفتنة والتوتر الامني رغم خلافهما حول الواقع العسكري لعرسال وجرودها، هذا الواقع من جانبهما لن يسقط نتيجة حسابات عون وخطواته.

والرهان على التفاهم بين المستقبل وحزب الله اللذين يتحاوران تحت سقف الحسابات المتناقضة كليا لن يكون وفق حساباتهما حسب المراقبين اذ ان رهان عون على تعطيل الحكومة يبدأ من خلال اعتكافه او انسحابه وهو ما سيستدعي موقفا تضامنيا من حزب الله وحركة امل بحيث من غير الممكن ان تستمر حكومة غير ميثاقية ويعقد رئيسها تمام سلام اجتماعات على غرار ما عمد اليه الرئيس الاسبق فؤاد السنيورة، وعندها يتابع المطلعون سينسف العماد عون الحكومة والنظام الحالي من دون تحميله وزر الانقلاب على اتفاق الطائف الذي بات في قناعته في حاجة الى تعديل لناحية الحد من دور وصلاحيات رئاسة الحكومة.

ويبدو ان رهان عون على خلط الأوراق وتعطيل الحكومة لا يقلق تيار المستقبل الذي يجد حسب اوساط كتلته ان عون نال حصته وأكثر في التعيينات التي اقرتها حكومة الرئيس تمام سلام مدعومة من الرئيس الحريري وذلك نتيجة تفاهمه مع تيار المستقبل، في حين لم ينل اي مكسب من حكومة التحالف بين الرئيس نجيب ميقاتي وحزب الله الذي تمثل فيها عون بعشرة وزراء، اذ ان منطق التهديد لم يعد ينفع ولن يوصل الى نتيجة لان سقوط الهيكل يكون على رأس الجميع وبينهم المسيحيين الذين راهن بهم عون مرارا وربط مصيرهم بحساباته الخاصة منذ العام 1988.

وتابعت الاوساط ان على عون ان يأخذ بعين الواقع تحولات تشهدها المنطقة بحيث سيسقط معها اُسلوب التحدي والقوة التي يتكىء عليهما لكون محوره امام خسارة إقليمية محتمة وواضحة المعالم، ثم ان عون يطالب احيانا بان تعيين مدير عام قوى الامن الداخلي كما اعلن سابقا هو شأن كافة القوى نظرا لموقعه الوطني واليوم يريد ان يحصر موقع قيادة الجيش ببعدها الوطني واللاطائفي في خانة المذهبية والحصرية والعائلية دون مراعاته الاعتبارات التي تحول دون تعيين قائد للجيش من خلال تعطيل عملية انتخاب رئيس للجمهورية التي هو المساهم الأكبر فيها، لكون رئيس البلاد هو الذي يختار رئيساً للمؤسسة العسكرية لولايته بعد انتخابه، مشيرة الاوساط الى ان عون عاد يرمي الاتهامات عن ممارسات مالية وصفقات وكانه لا يعلم بأن لا احد فوق الاتهام لكن في الوقت المناسب.