حددت مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري اطار الازمة السياسية التي يهدد باحداثها رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون من خلال تعطيل العمل الحكومي، اذا ما تم التمديد لمدير عام قوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، اثر تعذر تعيين خلف له قبل بلوغه السن التقاعدي في جلسة الحكومة يوم غد الخميس, فلا يمكن حسب مراقبين لراعي الحوار بين تيار المستقبل وبين حزب الله من اجل تطويق مفاعيل التوتر ولا سيما بعد المواقف الحادة المتبادلة وبعد عملية عاصفة الحزم بين رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري وبين امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ان يتفرج على سقوط التهدئة نتيجة الخلاف على التعيينات الامنية والعسكرية.

ويكمن موقف بري الاساسي ليس في رفضه تعطيل الحكومة من جانب حليفه في محور الممانعة العماد عون والذي نقله عنه اعلاميون بعد نزهته الاسبوعية معهم في حديقة مقره في عين التينة، بل في الكلام الذي لم يخرجه الى الاعلام وافصح عنه امام زواره بأن عون يريد ان يطيح بالبلد من اجل حساباته ولذلك يرفض هو من موقعه كرئيس لمجلس النواب الذي يمثل السلطة التشريعية في البلاد ان يتفرج على الفراغ المنهجي للمؤسسات، بحيث يؤدي تعطيل عون للحكومة الى انسحاب الفراغ عليها وعلى السلطة التنفيذية الى جانب الفراغ الرئاسي بمفاعيله على البلاد والمؤسسات.

ويتابع بري امام زواره بأن مسؤوليته كرئيس سلطة تشريعية وكذلك رئيس لقوى سياسية «حركة امل» لن يقبل بتعطيل البلاد من جانب عون الذي يستطيع الانتظار حتى اقتراب موعد استحقاق نهاية خدمة قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي في ايلول حيث يريد تعيين قائد فوج المغاوير العميد الركن شامل روكز خلفا له، وعليه يكمل بري قرر عدم التضامن مع عون في خياره التعطيلي للحكومة، وهو لن يسحب وزراء حركة امل ولن يستقيل ولن يعلق مشاركته في الحكومة ويماشي رئيس تكتل التغيير والاصلاح في خياره وان اتخذ وزراء حزب الله الموقف ذاته الذي سيلجأ اليه حليفهم في الحكومة، لكون البلاد امام تحديات تقتضي مواجهتها عدم التسرع.

ويردد بري امام زواره بانه من غير الممكن تعيين روكز منذ اليوم لكون مهمة قهوجي لم تنته بعد، ومن الافضل التريث حتى ايلول لا سيما ان ثمة عدم رفض لروكز والذي يشيد به قائد الجيش رغم كل ما يتعرض له من حملات تطلق عليه من جانب عون وفريقه السياسي، اذ حتى حينه يتابع بري وفق الزوار تجاوب كثيرا في عدة محطات مع عون، لكن الاخيرلا يراعي واقع البلاد ولا المواقع ولذلك لن يتضامن معه لانه سيكون على خطأ اذا ما اراد تعطيل البلاد من خلال شل الحكومة.

لكن في ظل المنحى الحكومي للفصل بين ملفي التعيينات الامنية ودخول عرسال، يدرج المراقبون تبني رئيس تكتل التغيير والاصلاح من موقعه الحليف لحزب الله مطالب الحزب بحسم واقع عرسال وجرودها ودخول الجيش في المعارك الدائرة، واندفاعته بهذه الوتيرة في موازاة مطالبته لتعيين «صهره» روكز قائدا للجيش اللبناني في خانة التوقيت الخاطئ الذي من شأنه ان ينعكس سلبا على احتمال تولي روكز رئاسة المؤسسة العسكرية، اذ رغم الانطباع والقناعة بأن روكز لن يتصرف خارج القرار السياسي والواقعية الميدانية، الا ان عون عزز القلق لدى رافضي موقفه من مسألة عرسال، بأنه سيمارس ضغطا على روكز في حال تعيينه لاتخاذ قرارات تتناسب مع حسابات حزب الله وتؤدي الى تداعيات لا تحمد نتائجها تعمل معظم القوى على تداركها.

اذ من المنطقي ان يأمل حزب الله بعيد مساهمته بتعيين روكز من خلال التصويت له داخل الحكومة من دخول الجيش اللبناني المعارك الى جانبه استنادا الى ما يعلن عون من مواقف، عدا ان الكلام عن اصابة الجيش بالصدأ في حال عدم القتال، يحمل ظلما في حق المؤسسة التي قدمت شهداء في عدة مواجهات مع الارهابيين وآخرها منذ نحو 8 اشهر في طرابلس عدا عن المواجهات اليومية مع كافة الاجهزة في غير مؤسسات - ولذلك فان مواقف عون من مسألة عرسال بالتزامن مع طلب تعيين روكز اعطى انطباعا وكأنه هو يعرقل وصول روكز في حين ان رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري عده بتعيينه بعد انتخاب رئيس للجمهورية والتحالف الشيعي مؤيد لتعيينه ايضا، وعمد رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط على وصوله من مناشدته الحريري لبت الامر، والقوى المسيحية حسب نائب مقرب من عون هي كلها موافقة على وصوله.

وفي منطق المراقبين بأن لبنان هو البلد الوحيد الذي يشهد حوارا مباشرا بين «السنة والشيعة» رغم كل اوجه الخلاف الحاصلة بينهما بامتداداتها الاقليمية وان بقاء الحكومة كاطار جامع لهما في موازاة حوار عين التينة، لا يزالان حاجة لكل منهما ولذلك لن تسقط الحكومة كما ممنوع ان تتعطل كنتيجة للخلاف على التعيينات الامنية والعسكرية.