اكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب ​وليد جنبلاط​ انه لا نستطيع ان نفرض، لا انا ولا رئيس مجلس النواب نبيه بري، على الافرقاء الاساسيين المسيحيين تشريع الضرورة. الرئيس بري يعتقد، ومعه حق، ان غياب مكوّن اساسي يفقد الاجتماع ميثاقيته. هو لا يريد الدخول في مغامرة غير ميثاقية. اضاف ربما تتعرض الحكومة للشلل ايضا، اليوم نرى كوارث في كل ارجاء العالم. فوضى عالمية. تالياً لا احد يبالي بنا. حسنا اهتم الاميركيون والفرنسيون قليلا بتزويدنا السلاح للجيش. ولفت الى ان قسم من السجال هو على تعيين قائد جديد للجيش، لكن القسم الاساسي لا يزال يدور حول وهم بعض القادة المسيحيين ان احدهم سيأتي رئيساً. اقول ذلك بكل صراحة.

واعتبر جنبلاط في حديث الى "الاخبار" انه في الوقت الحاضر في وسعنا الانتظار الى ايلول لتعيين قائد للجيش، عندما يحين اوان هذا الاستحقاق. قد تكون وجهة نظر بري بالاستمهال الى ايلول محقة، حتى موعد انتهاء ولاية العماد جان قهوجي. من المستحسن في هذه الظروف ان لا نتحدث كثيرا عن التعيينات داخل الجيش لانها تضرّ به وبمصلحته.

اضاف يجب ان نجد طريقة مع بري وسلام. كلاهما صمام امان. لا يمكن فرض اي امر، بل انتظار الوحي علّه يهبط على البعض. ربما يهبط عليهم الملاك جبريل. واستعاض جنبلاط في تقويمه الوضع الداخلي "وما تبقى من الشرق العربي الملتهب" عن الصورة القاتمة بالصورة الواقعية: "انا واقف على الارض وقدماي على الارض، بينما يقيم سواي في عش النسر. تعلمت من دروس الماضي".

ورأى ان اهتمامات المواطنين في عالم آخر. همّ المواطن العادي ليس انتخاب الرئيس، بل امنه وقانون السير اذا كان سيطبق كاملا والصحة. الموضوع الرئاسي صار شأناً ثانوياً. اذا سألتني رأيي اقول صرخة إشمئزاز تجاه نقابة الاطباء. قد يكون الطبيب الموقوف ممتازاً، لكن في نهاية المطاف ماذا نقول للام والاب بعدما فقدت طفلتهما اوصالها نتيجة اهمال طبيب ومستشفى؟ تفضل ماذا تفعل النقابة! صرنا الآن في عالم الحصانات. حصانة على السياسي، حصانة على الطبيب، حصانة على المحامي بعدما شاهدنا اخيرا مظاهر العنف، للجميع حصانات تحميهم، وتعطل في الوقت نفسه دور العدالة وتعزز انتهاك القانون وممارسة العنف.

وسأل جنبلاط "لماذا اسحب ترشيح هنري حلو للرئاسة؟ ليس هو مَن يعطل الانتخاب، ولا يؤدي سحبه الى حلحلة. اذا انسحب او اعتقد احدهما ان سحبه سيوصله الى الرئاسة، فهو لن يصل. سحبه لا يحل المشكلة لانها ليست عنده. اضف ان من حقنا نحن، ونمثل 11 صوتاً، ان يكون لدينا مرشح. اقول مجددا ان القادة الكبار المعنيين لم يقتنعوا بعد بأنهم لن يصلوا. هناك انقسام في البلاد، لا هذا الفريق سيقبل بذاك المرشح، ولا ذلك الفريق سيقبل بهذا المرشح. يكفي. عندما لا يكون هناك مرشحون آخرون، يعني اننا نهين الطائفة المارونية العريقة بالقول ان ليس هناك شخص سوى هؤلاء يمكن ان يتوافق اللبنانيون عليه. اريد ان اذكّر هنا بأيام الانتداب. اكثر من رئيس انتخب او عيّن ايام الانتداب الفرنسي كانوا مسيحيين، لكنهم لم يكونوا موارنة، مثل الارثوذكسيين شارل دباس وبترو طراد والانجيلي ايوب ثابت. ليس لدي فكرة هل ان الظروف تسمح بالعودة الى الانتداب؟ انا من الذين يدعون الى عودة الانتداب ويترحّمون عليه. سبق وذكرت، كما الرئيس بري، اننا من جيل القوميين العرب كنا رفضنا سايكس ــــ بيكو وأدنّاه لأنه مزّق العالم العربي. هذا غير صحيح، بل كان العالم العربي ولايات عثمانية ولم يكن موحدا. القى علينا الانكليز حلم المملكة العربية الواحدة الموحدة، فاذا نحن ننتهي في سايكس ــــ بيكو. صرنا نترحم على سايكس ـ بيكو. اعتقد انني عندما اجتمع بالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، لاحقا، سأفاتحه في امكان اعادة الانتداب الفرنسي الى لبنان موقتا من اجل انتخاب الرئيس، ما دام الانتداب فعل ذلك قبل عقود. ما احوجنا الى انتداب موقت. يغطّ لانتخاب الرئيس ثم يطير. واكد انه لا يريد الدخول في الاسماء. هناك مرشحون توافقيون، ونحن سمينا هنري حلو.

وفي الشأن السوري قال "انتهت سوريا". رحم الله ​حكمت الشهابي​ الذي قال لي ثلاثة اسابيع بعد اندلاع الثورة السلمية في درعا: هذا الرجل مجنون. سيقود سوريا الى الحرب الاهلية والتقسيم. كان لا يزال في دمشق. طلب موعدا من بشار الاسد، فلم يستجب طلبه. غادر الى باريس، وكنت التقي به هناك. قبل اسبوعين من وفاته في آذار 2013 قال لي: سوريا التي نعرفها انتهت. تذكر ما كنت قلته لك قبلا. الآن النظام او ما تبقى منه يدرك انه سيخسر ما تبقى من دير الزور وحلب، ويتحضر لخطة تراجع الى الساحل وحمص والشام.

واشار الى انه التقى بعبدالحليم خدام في باريس اخيراً، وانا اراه دائما عندما ازورها. بدوره هو قلق على مصير سوريا. في نهاية المطاف هذان الرجلان، الاول رئيس الاركان والثاني وزير الخارجية ثم نائب رئيس الجمهورية، هما آخر مَن تبقى من الحرس القديم. غاب حكمت وخدام آخرهم. يقول ايضا ان سوريا انتهت.

ولفت الى ان المسؤول عن ما وصلت اليه سوريا هو التوريث الذي حصل بعد وفاة حافظ الاسد. عندما بات امام الامر الواقع اصطدم به، اي توريث بشار. لم يكن يستطيع ان يعترض رغم انه كان على اذن الرئيس حافظ الاسد كما حكمت الشهابي. لكن التوريث وقع، وكان قد بدأ على ايام باسل الاسد قبل مقتله في حادث سيارة. ارغم الجميع على التسليم بالتوريث، فوصلنا الى ما وصلنا اليه. اذكّر بأن عبدالحليم خدام، بعد اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري، غادر الى باريس عبر لبنان وجرّب من هناك انشاء جبهة الخلاص الوطني عام 2005، لكن الفرنسيين لم يسمحوا له بذلك.

اضاف لا انكر انني كنت حليفا لسوريا، وكان مع العماد حكمت ممن حموني طوال 27 عاما في لبنان وسوريا من جراء النميمة التي تعرضت لها من لبنان. كانوا مثابة حاجز دونها، وايضا في الداخل السوري، لأن لأصحاب النميمة في لبنان رجالا داخل النظام كما حصل مع رفيق الحريري عندما نمّوا عليه ما ادى ذلك الى اغتياله. وهذا ما تحدثت عنه صراحة في شهادتي امام المحكمة الدولية.

وفي حديث صحفي آخر، اعتبر جنبلاط ان "أي لقاء وأي حوار مفيد، وكل جهد يصبّ في خانة الحوار الداخلي هو جهد مفيد وإيجابي"، مشيراً إلى أنه "يترقب زيارة الوفد القواتي خلال الساعات المقبلة للاطلاع منه على مضمون ورقة اعلان النيات مع التيار "الوطني الحر".