ما إن سربت فيديوهات تعذيب ثلاثة من الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية على أيدي عناصر من القوة الضاربة التابعة لفرع المعلومات، حتى بدأ الترويج لضرورة الإجتماع بالسجناء والإستماع الى مطالبهم، وكأن إعطاء هؤلاء المزيد من الإمتيازات التي خسروها يوم نقلوا بعد العملية الأمنية من مبنى الى آخر، كان على لائحة الأهداف التي قصد مسربو فيديوهات التعذيب الوصول اليها، من خلال نشر الأفلام المصورة على وسائل التواصل الإجتماعي.

وبالفعل أصاب التسريب هذا الهدف، فلم تمر إلا ساعات قليلة على الضجة التي أثيرت حتى عقد إجتماع بين عدد من السجناء الإسلاميين في المبنى "ب" وضباط مولجين إدارة السجن، وفيه بحثت مطالب السجناء التي لا تعد ولا تحصى، وهنا يقول مصدر أمني، "مهما أعطيت السجين، لا تنتهي مطالبه، فكيف إذا كانت تهمته إرهابية والأحكام الصادرة بحقه أو التي من المفترض أن تصدر تتراوح بين عشرات السنين والمؤبد والإعدام؟"

تقول المصادر الأمنية المتابعة أن بين المطالب التي طرحت خلال الإجتماع الأخير، "ما يمكن البحث به والموافقة عليه"، كتحسين وضع النزهة اليومية وتأمين البرّادات للمساجين، إضافة الى إطالة مدة المواجهة مع الزوار من عشرين الى ثلاثين دقيقة، فزيادة عدد حمامات الإستحمام في المباني. أما ما يثير الريبة ويطرح أكثر من علامة إستفهام فتلك المطالب التي لا يُفهم منها إلا نيات بإعادة عقارب الساعة الى الوراء في السجن المركزي، أي العودة الى زمن إمارة المبنى "ب". ومن هذه المطالب فتح أبواب النظارات لعدة ساعات يومياً، وإدخال سخانات كهربائية إلى داخل الزنزانات، وإعادة عدد من السجناء من سجن الريحانية إلى سجن رومية.

اما الأخطر فيتثمل بعودة نغمة "توفير وسائل اتصال بين الاهالي والمساجين" إضافة الى "الإسراع في ترميم المبنى (ب) ليتمّ إعادة الموقوفين الذين كانوا فيه إليه بسرعة". وإذا كانت هذه المطالب مصنفة أمنياً في خانة "النافرة" لا سيما لناحية الهواتف الخلوية التي ساعدت الموقوفين في الماضي على إدارة وتخطيط عمليات إرهابية من داخل السجن، وهذا ما كشفته داتا الاتصالات، فهناك مطالب أخرى لم يستطع الأمنيون فهمها حتى اللحظة مؤكدين أن العقل البشري لا يمكنه إستيعابها بسهولة.

من هذه المطالب التي تصدر تارةً عن السجناء وتارةً أخرى عن لجنة الأهالي، "تأمين تكاليف ومصاريف النقل والزيارة للفقراء من الأهالي الذين لا يملكون المقدرة". وهنا تحضر الأسئلة، هل الدولة مسؤولة عن تأمين مصاريف الزيارات؟ وهل هناك دولة في العالم تؤمن مثل هذه المصاريف؟ وإذا كانت الأموال غير مؤمنة لبناء سجون جديدة، هل يصبح هذا المطلب مقبولاً؟

أضف الى ذلك هناك مطالب غير قابلة للتطبيق أمنياً ولوجستياً، منها ما هو متعلق بتخفيف إجراءات التفتيش المخصصة للنساء، ومنها ما ينص على تخصيص مكان لائق لانتظار الاهالي دورهم لمواجهة ابنائهم، هذا فضلاً عن مطلب السماح بالإجتماع على طاولة واحدة في قاعة لائقة بين الأهالي وأبنائهم.

إذاً في السابق، كان يجب على السجناء ان يتمردوا على إدارة السجن ويثيروا الشغب داخل المباني بعد إحتجازهم عناصر قوى الأمن الداخلي وتحطيمهم كاميرات المراقبة، كي يحصلوا على الإمتيازات المطلوبة، أما اليوم، فهل جاءت أفلام التعذيب لتحقق لهم مزيداً من المطالب ومن دون عناء أو إنتفاضة؟