رمضان شهر عظيم مبارك فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عزَّ وجل عليكم صيامه. تفتح فيه أبواب السماء. وتغلق فيه أبواب الجحيم. وتغل فيه مردة الشياطين. لله فيه ليلة خير من ألف شهر. من حُرم خيرها فقد حرم". سنن النسائي.

فعلى المسلم أن يتحضر لصيام هذا الشهر الكريم بتحضير نفسه ليعيش كل معاني الصبر والتحمل الصبر على الجوع والعطش، والصبر على قيام الليل وقراءة القرآن، والصبر بامساك النفس عن الشهوات. إن مجيء ​شهر رمضان​ لهذا العام في أطول أيام السنة نهاراً وأشد أوقات السنة حرارة، يؤكد أن الأجر على قدر المشقة، والثواب بحجم الصبر واحتساب الاجر عند الله. وعلى المؤمن أن يستعد لرمضان بتحقيق الأمور التالية:

1- أن يحدد لنفسه العبادات والقرابات التي سيقوم بها في هذا الشهر الكريم. ويضع لذلك برنامجا. ويلغي كافة الأعمال التي تصرفه عن تنفيذ ما يأمل أن يفعله. فيضع برنامجا لنوافل الليل والنهار. ويخصص أوقاتا للذكر ولتلاوة القرآن الكريم. ويجتهد في إتمام عدة ختمات. ويسعى لحضور مجالس العلم. فإنها من أفضل القرابات عند الله تعالى.

2- أن يسعى في الخلاص من العادات التي تضره في دينه أو دنياه. فإن رمضان فرصة لاعادة ترتيب نظام الحياة اليومي. حيث يبدأ التغيير منذ اللحظة التي يقوم بها المرء ليلا للسحور. تغيير نظام أكله ونومه وسهره بما يرضي الله تعالى .

3- أن يهيء لنفسه نية صادقة جازمة للتوبة من الذنوب والآثام التي اندست في مسيرة حياته. فعليه أن يندم على ما فعل من الذنب. وأن يعزم على أن لا يعود إلى الذنب. وأن يشغل الوقت الذي كان يقضيه في اللهو يشغله بنشاط مفيد. وأن يغير أصحاب السوء الذين يزينون له ما كان يقوم به. ويستبدلهم بأصحاب صالحين يعينونه على طاعة الله تعالى. لا سيما في هذا الشهر وأن يستغفر الله تعالى على ما أسلف. ويسأله سبحانه أن يغفر له ذلك. وأن يكثر من الأعمال الصالحة.

4- أن يعيش في شهر رمضان مع القرآن. فيتلوه آناء الليل وأطراف النهار. ويحفظ منه شيئا جديدا. ويراجع فيه ما كان قد حفظ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ. وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ. حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ. يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ يُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، أَجْوَدَ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. مسند أحمد. ويجتهد حين القراءة أن يفهم ما يتلو ويعزم على العمل بما فيه.

5- أن يعمل بجد على إغلاق منافذ اللهو والفساد التي يتسلل منها الشيطان ليضيع له وقته. فيحذر المسلسلات التى تؤثر على حرمة شهر الصيام. ويجتنب السهرات التي تحول دون قيامه للسحور ولصلاة الفجر.

6- تقوية الروابط الاجتماعية وروابط الاسرة في اجتماع أفراد الأسرة على مائدتي السحور والافطار ثم في جلسات تلاوة القرآن الكريم والذكر وإحياء ليالي رمضان بصلاة التراويح والتعاون في أعمال الخير كزيارة الأقارب وتقديم الطعام والثياب والصدقات للمحتاجين. حيث يجتمع أبناء العائلة الواحدة والحي الواحد في دروس رمضان وفي ليالي الاحياء في صلاة التراويح ويتعاونون في أعمال الصدقات والخدمات الانسانية والاجتماعية لأبناء المجتمع المحلي، والجود والكرم والاحسان، واخراج زكاة المال والفطر.

7- امتلاك زمام النفس التي صعب قيادها حيث يستيقظ المسلم ويتسحر في وقت لم يعتد فيه على القيام ولا الطعام ثم يمتنع عن الأكل والشرب في وقت كان يتناولهما فيه وحيث يصون نفسه عما كان يغفل عنه من الأقوال والأعمال التي لا ترضي الله عزَّ وجل. والسيطرة عليها بحسن الأخلاق وكريم الآداب والتحلي بالصبر وضبط النفس عن ردات الفعل لأي اساءة تواجهه امتثالاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم". سنن النسائي الكبرى.

8- الشعور بمعاناة الفقراء والمساكين وخاصة اللاجئين الذين تركوا مدنهم وقراهم وارزاقهم فنعمل على مساعدتهم وتقديم ما يحتاجون إليه في شهر الخير والكرم والعطاء.

فإذا على الصائم أن يتحلى بالأخلاق الفاضلة والآداب العالية ليكون ذلك سبباً في قبول الصيام والقيام لأن سوء الخلق في شهر رمضان يحبط الأجر والثواب، فرب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش.

ولنكثر فيه من الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى أن يفرج عن أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأن يحول حالهم إلى حال الأمان والاطمئنان والسلام ووقف الحروب والاقتتال وأن ينصرهم على كل ظالم معتد جبار.