بعد عشر سنوات من المفاوضات المضنية بين الولايات المتحدة الاميركية وايران، توج الرئيس الاميركي باراك اوباما عهده باتفاق تاريخي بين «الشيطان الاكبر» و«نظام ولاية الفقيه» والذي تخلله وفق مصادر متابعة لمسار هذه المحادثات، العديد من النزاعات التي كانت تترجم عبر ادوات هاتين الدولتين في الشرق الاوسط الذي اصبح كتلة نارية ملتهبة من ادناه الى اقصاه.

وتتابع هذه المصادر، لقد بقي العالم العربي ردحاً من الزمن على حافة الهاوية بانتظار المباحثات الايرانية الغربية التي لم تكن في الحقيقة تدور فعلياً حول امتلاك ايران للسلاح النووي، انما على كيفية تقاسم النفوذ في المنطقة.

وتساءل المصدر لو لم يكن الامر كذلك لكانت الولايات المتحدة قامت بالتفاوض مع الرئيس العراقي صدام حسين لمنعه من امتلاك السلاح النووي بدل تدميره وتحويله الى دويلات وافراغه من مسيحييه، واشارت المصادر الى ان ما بعد الاتفاق هو الاكثر خطورة لان اسرائيل والكونغرس سيسعيان الى تحقيق مصالح اسرائيل التي اهتزت اثر هذا الاتفاق الذي اعتبرته «خطيئة كبرى» وبالطبع سيكون له التأثير الاكبر في دول الخليج بسبب رفع الحظر عن ارصدة واصول طهران المالية المجمدة والمقدرة بمليارات الدولارات، الامر الذي سيشكل منافسة لهذه الدول وستسعى الدول الاوروبية والولايات المتحدة لدخول السوق الايرانية مما سينعكس سلبا على الاسواق العربية.

اما على الصعيد لبنان فترى هذه المصادر انه من المبكر الحديث عن نتائج هذا الاتفاق كون الخريطة الجديدة للمنطقة ما زالت في يد الطوبوغرافيين الدوليين، وان لبنان ما زال في اسفل اهتماماتهم، وما على اللبنانيين الا ان تكون اولويتهم تحصين الوضع الداخلي والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

مصادر في «التيار الوطني الحر» تؤكد انهم مع كل توافق خصوصاً ان ايران قوة اقليمية، والولايات المتحدة كانت منحازة في سياستها اما اليوم فهي اختارت التوازن، على الرغم من انها لن تتخلى عن المملكة العربية السعودية.

ان موضوع الارهاب كان الدافع الاساسي، وكذلك الاستقرار بين العراق وسوريا ولبنان لذلك كان لا بد من السير في اتفاق مع ايران التي كان لها مصلحة ايضاً كونها تملك حصصاً كبيرة في كل من هذه الدول المذكورة بالاضافة الى اليمن.

واشارت المصادر الى ان التنازل الذي قدمته ايران هو لمصلحة تحسين وضعها الاقليمي والاعتراف بدور لها في هذه الدول على غرار الدول المحورية التي لها مصالح اقليمية. ومن هنا نرى بعض الاشارات المعبرة كحصول العراق على طائرات «اف 160» الاسبوع الماضي وهو ما لم تحصل عليه منذ عشرات السنين وهذا مؤشر الى ثقة كبيرة بحكومة حيدر العبادي القريبة من ايران ولدت ما بعد الاتفاق ودعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخليج للتحالف مع الرئيس السوري بشار الاسد في مواجهة الارهاب والتخلي المبرمج للدول الخمس زائد واحد عن الدعم العسكري والسياسي للمعارضة السورية والبدء بتحجيم الدور التركي في سوريا من خلال اضعاف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان سياسياً ومنعه من اقامة منطقة عازلة في شمال سوريا ومساعدة الاكراد الذين يواجهون المعارضة السورية رغم موقفه المعادي للاكراد. ويجب الا ننسى التغيير الكبير برجالات السياسة السعودية وتسريبات ويكيليكس التي تؤشر الى نهاية حقبة من الدعم السعودي لبعض الاطراف اللبنانيين ممن هم في موقع العداء العلني لسياسة طهران في لبنان.

اما على الصعيد الداخلي اللبناني فان للاتفاق عدة انعكاسات تضيف المصادر، وقد تجلى ذلك من خلال جولة السفير الاميركي في لبنان ديفيد هيل على بعض القياديين اللبنانيين ومن بينهم الجنرال ميشال عون الذي زاره مودعا وشرح له اهمية الاتفاق الاميركي - الايراني، وقد عبر عن تفاؤله بنتائج هذا الاتفاق وايجابياته وامكانية تشريع ابواب التعاون الاقتصادي مع ايران، خصوصاً انها غير قادرة على الولوج الى المصارف العربية والاوروبية بسبب الرقابة فتبقى المصارف اللبنانية الملاذ الوحيد آملا ان لا يتم دعم الارهاب من خلال هذا التمويل وهذه الايداعات والاستفادة منها على صعيد تطوير القطاع الاقتصادي اللبناني.

اما على الصعيد السياسي اللبناني فان الاتفاق وفق هذه المصادر سينعكس انفراجاً على الصعيد الداخلي اللبناني لان التعاطي مع الفريق المؤيد لايراني لن يكون كعدو.

اما بالنسبة للخطوات العملية على الارض فيأمل «التيار الوطني الحر» ان لا تستعمل الساحة اللبنانية للتأثير في الاتفاق بحيث يعتبرونها ساحة لمواجهته او محاربة اطرافه، لانه اذا حصلت سيتم قمعها والقضاء عليها ولن تلقى تعاطفاً دولياً معها، واشارت المصادر الى ان الانعاكاسات ستكون جدية في ملف رئاسة الجمهورية، فلن يعود هناك «فيتو» اميركي على الجنرال ميشال عون لانهم كانوا يعتبرونه حليفاً لايران اقله اوروبيا واميركيا، وهناك مصلحة اميركية - روسيا للاتيان برئيس يستطيع محاورة الرئيس السوري بشار الاسد من هنا ارتفاع حظوظ العماد عون بالوصول الى كرسي الرئاسة الاولى.