فجع لبنان بالجريمة التي هزت منطقة الجميزة، والتي ذهب ضحيتها المواطن البريء المظلوم جورج الريف، بعد تعرضه للطعن من قبل شخص يجسد نموذجا بارزا للزعرنة وامتهان الكرامات في دولة المزارع والمحاصصة.

جورج الريف ليس قضية عابرة أو موضوع يشغل اللبنانيين لأيام ثم تدفن قضيته في الأدراج، وما جرى له يحدث لكثير من اللبنانيين في مناطق متفرقة ببلاد الأرز، ولكن حكاياتهم لم تخرج إلى الإعلام، وايضا قاتله ليس بنموذج غريب في دولة 10452 كم، فكم من جلاد مثله يصول ويجول في مناطق متفرقة يستعرض عضلاته وفتوته ويحاول فرض افكاره وقيمه الشاذة، مستندا إلى زعيم من هنا، وتنظيمات سياسية وحزبية من هناك.

الضحية والجلاد في قضية الجميزة، يشكلان النموذج الأبرز في لبنان، المواطن المدعوم من جهة، والذي يرتكب الموبقات دون حسيب او رقيب، ففاتورة الإشكالات التي يتسبب بها يتكفل معلمه أو مشغله بدفعها ولا تتعدى اتصالا هاتفيا بالشخص المسؤول للافراج عنه مع دعوة الى تناول الغداء او العشاء في اغلب الأحوال، والمواطن الحالم بدولة القانون والمؤسسات التي تحفظ كرامته حيث له فيها حقوق وعليه واجبات من جهة ثانية.

من يتحمل المسؤولية؟ لا شك ان النظام المتهالك في لبنان يشكل سببا اساسيا ورئيسيا في الأمور التي وصلنا اليها، فهذا النظام لا يحمي القضاء ولا القضاة ولا يحفظ تطبيق القوانين، وكما هو معلوم فإن القضاء العادل والنزيه في اي بلد يشكل معيارا للتطور وحفظ الحقوق، ولكن كيف نريد لهذا القضاء ان لا ينصاع للسياسيين والمتنفذين، وحبل الترقية والترفيع ملتف حول اعناق القضاة، يُمسك به أصحاب المعالي والسعادة؟

روح جورج الريف تنادي من السماء بضرورة إطلاق يد القانون لمعاقبة المجرمين، ليس للإقتصاص من قاتله فقط، بل كي لا يكون لدينا كل يوم جورج الريف جديد، وكي لا يعيش أطفالنا من دون آبائهم.