يندرج ما تشهده البلاد من ازمات سياسية على خلفية عدة ملفات في خانة التراكم الطبيعي للتجاذبات بين القوى السياسية في ظل الشغور الرئاسي على ما ينقل زوار رئىس الحكومة تمام سلام عنه اذ ان تنامي الوقائع السلبية اوصل البلاد الى هذا الواقع من الجمود في العمل الحكومي بما يدفع لمساءلة القوى الحكومية عما اذا كانت هذه الحال من العرقلة هي التي تريدها للبلاد والعباد بكون هذا الجمود من شأنه ان يرتب انهيارات اكبر من شأنها ادخال البلاد في دوامات من الازمات ليس من السهل تطويقها.

لكن رئيس الحكومة يصر في ظل الفراغ الرئاسي حسب الزوار ان يبعد حكومته واعمالها عن التجاذبات محددا مهامها بتسيير امور المواطنين واستدراك اية ازمات على غرار ما كان اعلن وزير المالية علي حسن خليل من عدم امكاينة تأمين الرواتب ومنها لزوم المؤسسات العسكرية والامنية في حين مطلوب احاطة هذه المؤسسات في ظل انجازاتها لا سيما توقيف الارهابي احمد الاسير بكل ما تتطلبه من رعاية ودعم.

ولذلك يفصل سلام بين مهام حكومته وبين حاجة القوى السياسية المتخاصمة الى حوارات ثنائىة او اوسع خارج اطار الحكومة للتفاهم على المواضيع الخلافية وعدم نقلها الى داخل السلطة التنفيذية ما يؤدي الى تعطيل دورها وتحديدا في هذه المرحلة من التحديات التي يواجهها لبنان ولا تشكل الحكومة المكان المناسب لبت النزاعات والخلافات المتراكمة منذ مدة.

وفي ظل احتمال توجه النائب العماد ميشال عون للتصعيد في المرحلة المقبلة على خلفية رفضه للتعيينات الامنية - العسكرية بهدف دفع الحكومة لاعتماد تعيينات تسقط قرار وزير الدفاع سمير مقبل لا يبدو ان هذا الامر لا يزال ملفا مفتوحا لدى سلام على ما يسمع زواره بل ان القرار بعدم تسريح العماد جان قهوجي اضحى واقعا لكون التعيين لقائد جديد للجيش اللبناني كان متعذرا فكان لا بدو من لجوء وزير الدفاع الى قرار مسؤول قضى بالابقاء على القيادات الحالية التي ارتبطت مسؤوليتها مؤخرا بدور المؤسسات العسكرية الامنية وقامت في السنوات الماضية بخطوات وانجازات ناجحة. بحيث لم يكن من الممكن عدم التمديد لها في ظل استحالة تعيين البدائل وانه من غير المقبول يتابع زوار سلام، ان تصدر مواقف معترضة تؤدي للتشكيك في دور هذه القيادات لانه لم يكن امام الوزير المختص عن كل مؤسسة سوى هذا الحل المناسب في هكذا مرحلة حساسة.

وفي حين لم يقرر بعد الرئيس سلام وفق زواره عما اذا كان سيوجه دعوة لاجتماع الحكومة هذا الاسبوع نأى بذاته عن الاتصالات والمخارج ذات الصلة بترقية عدد من الضباط وتمديد بقائهم في المؤسسة العسكرية من زاوية المخرج للازمة الحالية مع العماد عون بحيث يستمر العميد شامل روكز في المؤسسة سنة اضافية اثر ترقيته الى رتبة لواء ولا يحال للتقاعد في منتصف تشرين الاول المقبل مؤيدا سلام في الوقت ذاته اي تفاهم بين القوى السياسية حول هذه المسألة الخلافية.

وفي وقت يتفاعل الرئيس سلام مع دعم وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف لحكومته على وقع المواقف العلنية الواضحة يعتبر حسب الزوار بأن ما اعلنه امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله من تضامن مع العماد في مسار تعطيل الحكومة حتى تلبية مطلب الاخير بأن هكذا مواقف يبقى توضيحها على عاتق القوى السياسية لكن في المحصلة يبقى دور الحكومة حاليا عدم عرقلة احتياجات الشعب بعيدا عن التجاذبات التي تدفع دائما بالخارج للتدخل من اجل حل النزاعات.

وفي سياق مواقف السيد نصرالله ذات الصلة بالملف الرئاسي وبعيدا عن الازمة الحكومية فإن تسليمه بالمعبر الالزامي الذي يمثله العماد عون لاخراج البلاد من الشغور الرئاسي وجدته اوساط مراقبة يتكامل مع«فارق التوقيت» او مفعول رجعي مع دعوة كل من رئىس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري ورئىس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لعون للتفاهم معه على مرشح رئاسي ليشكل طمأنة للقوى السياسية ويسقط حالة الفراغ القاتلة وهي دعوة من جانب امين عام حزب الله. لا تتناقض مع تطلعات الحريري وجعجع لان يكون لعون كلمة راجحة في اختيار رئىس البلاد المقبل لا سيما بعد جواب الحريري على نصرالله بتأكيده ان المستقبل لا يريد كسر عون في مقابل رغبة جعجع بأن يكون وعون «من مفقسي» الرئيس التوافقي الذي بعد ان ينتج عن التوافق المسيحي يستخرج رأي القوى الحليفة حياله.