منذ ايام قليلة، فجر وزير الدفاع الإسرائيلي السابق ​ايهود باراك​ مفاجأة من العيار الثقيل حين كشف ان الوزيرين موشي يعلون ويوفال ستاينتز رفضا توجيه ضربة عسكرية ضد ايران عام 2011(1). اللافت في الخبر ان موشي يعلون هو من اشد المعارضين حالياً للاتفاق النووي الايراني، ولكن ما السبب الذي دفعه وزميله الى معارضة الضربة منذ 4 سنوات؟

يمكن ادراج سبب الرفض ضمن معطيات عدة نتوقف عند اهمها:

1- يعلم يعلون تماماً قدرات اسرائيل العسكرية فهو كان رئيساً للاركان، وبالتالي لا يبني حديثه عن الجيش الاسرائيلي على معلومات الآخرين، بل على تجربته الشخصية. وفي العام 2010، وفق اقوال باراك نفسه، عارض غابي اشكينازي (رئيس الاركان في حينه) الضربة العسكرية مشيراً الى ان الجيش غير حاضر لمثل هذه الخطوة.

ولا شك ان يعلون نظر بكثير من الشك والريبة لخطوة تغيير اشكينازي والمجيء ببيني غانتز عام 2011، الذي نقض موقف اشكينازي ووافق دون تردد على مشروع باراك-​بنيامين نتانياهو​ باستعداد الجيش لضرب ايران مع الاخذ في الاعتبار كل المخاطر.

وقد يكون يعلون قد نظر الى الموضوع بصورة اكثر شمولية ليعتبر ان هذا القرار خاطىء وان الجيش ليس جاهزا لمثل هذه الخطوة، ولعل فشل الاهداف التي وضعتها اسرائيل في عدوان ​حرب تموز​ 2006 بقي مخيماً على يعلون رغم انه كان متقاعداً في تلك الفترة، ولكنه بقي متابعاً لاوضاع الجيش.

2- تحالف يعلون في رفضه لضرب ايران، مع وزير المال ستاينتز لم يكن عن عبث. فالاخير فاعل في حزب الليكود، كما انه كان على بينة من الاوضاع العسكرية بحكم ترؤسه وانضمامه الى لجان عدة في الكنيست تعنى بالدفاع والاستخبارات... وبالتالي، كان موقف ستاينتز اساسياً بالنسبة الى يعلون لوقف الضربة في مجلس الوزراء المصغر، وكان له ما اراد.

ولعل الجامع المشترك بين الاثنين، كان اضافة الى القلق من التداعيات العسكرية لهذه الضربة، توقع التداعيات السياسية، لان اي استهداف عسكري لايران يعني احراج الولايات المتحدة التي لن تسكت عن ذلك، وستعمد الى الرد دبلوماسياً بطبيعة الحال، كما ان وضع المنطقة ككل لم يكن ليحتمل توجيه مثل هذه الضربة لان الامور كانت سشهد فلتاناً لا يمكن ضبطه، وستذهب الامور في اتجاه لا يمكن التنبؤ بمساره.

3- لم يكن نظام القبة الحديدية قد تم اختباره بشكل رسمي بعد ان ادخل الى الخدمة الفعلية منتصف عام 2011، وهو كان عرضة للكثير من الانتقادات لفشله سابقاً في التعاطي مع الصواريخ الفلسطينية، وبقي حتى يومنا هذا محط ثقة متفاوتة لدى الاسرائيليين، مدنيين وعسكريين، ومدى قدرته على التصدي للصواريخ.

كما ان "حزب الله" لم يكن "منغمساً" في سوريا في ذلك الوقت كما هو اليوم، وبالتالي كان من الصعب توقع ردة فعله وكيفية التعامل معه، فكان الافضل ازاء كل ذلك تجنب اي ضربة لايران.

يضاف الى كل ما سبق، ان الخلاف السياسي له حساباته ايضاً، وعلى الرغم من انضمامهما الى الحكومة، فإن ذلك لم يكن يعني ان يعلون وستاينتز كانا سيفرطان باظهار نتنياهو على انه صاحب القرارات الجريئة، وان يحظى بـ"النجومية" لان الرد على اسرائيل كان من شأنه ان يوحد المجتمع الاسرائيلي ويجعله يصطف خلف نتنياهو لفترة طويلة من الزمن.

اسباب منطقية ادت الى رفض يعلون وستاينتز توجيه اي ضربة عسكرية ضد ايران منذ 4 سنوات، فلماذا تم الكشف عن المسألة اليوم؟

(1)بتاريخ 21/8/2015، نشرت الصحف الاسرائيلية خبرا مفاده ان ايهود باراك كشف في مقابلة مع المحطة الثانية في التلفزيزن الاسرائيلي، ان وزير الشؤون الاستراتيجية في حينه موشي يعلون ووزير المال يوفال ستاينتز عارضا خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر عام 2011، توجيه ضربة عسكرية ضد ايران، ما ادى الى غض النظر عنها.