أعاد قيام "​كتائب القسام​" الجناح العسكري لحركة "حماس"، بافتتاح سجن مركزي افتراضي وسط قطاع غزة(1)، الحديث مجدداً عن ملف الجنود الإسرائيليين المفقودين في الحرب الأخيرة على القطاع المحاصر، والتلويح بصفقة تبادل جديدة بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل".

ورغم أن السجن الذي أطلقت عليه القسام "عِد جنودك" جاء في إطار افتراضي وعرض بمناسبة الذكرى الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، إلا أنّه يعيد الأمل لذوي الأسرى بقرب حرية أبنائهم، ويؤكد على مبدأ وثقافة أسر الجنود لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال الاسرائيلي، في وقت يحمل أبعاداً سياسية تتعلق بدعوة الاحتلال لفتح مفاوضات تبادل جديدة.

على سُلم الأولويات

بالنسبة لزوجة الأسير الفلسطيني ​فهمي أبو صلاح​ المعتقل في سجن "ريمون" والمحكوم لـ22 عاماً، فإنّ هذا السجن يشكّل رسالة لإسرائيل التي تعتقل آلاف الفلسطينيين في معتقلاتها العسكرية، مشيرة إلى أنّه أصبح لديها أمل بأن الأسرى وقضيتهم العادلة ستبقى فاعلة وحاضرة لدى المقاومة الفلسطينية، وأن تحريرهم بات قريباً.

وفي حديث إلى "النشرة"، أوضحت أبو صلاح، أنه يؤكد أن قضية تحرير الأسرى على سلم أولويات المقاومة الفلسطينية، معتبرة أن ثقافة خطف الجنود هي السبيل الوحيد للتحرير.

وأضافت: "صحيح أن هذا السجن رمزي لكنّه يحمل رسائل عدّة ويدفع الأمل في نفوسنا كذوي وأبناء أسرى، كما حصل مع صفقة "وفاء الأحرار الأولى"(2)مقابل جلعاد شاليط، وسنبقى صابرين ننتظر لحظة الفرح والحرية".

الحرية قريبة..

"الاحتلال الإسرائيلي يدرك أن لديه ضباطا وجنودا في غزة هم في قبضة كتائب القسام"، هذا ما أكّده رئيس الكتلة الإسلامية التابعة لحركة "حماس" في قطاع غزّة ​هاني مقبل​، لافتاً إلى "أنّنا نريد إرسال رسالة للعدو الإسرائيلي، بأن المقاومة الفلسطينية لن تقبل أن يبقى أسرانا يعانون خلف القضبان وهو وجنوده يستبيحون أرضنا ويقتلون أبناءنا".

وفي حديث لـ"النشرة"، أوضح مقبل أنّ جنود الاحتلال المفقودين في غزة، لن يروا النور حتى يراه أسرانا، لافتاً إلى أن جنود الاحتلال جاؤونا محتلين وأسرتهم المقاومة، وهذا يبعث الأمل مجدداً في نفوس الأسرى بأن حريتهم باتت قريبة.

وأضاف مقبل: "نحن بانتظار صفقة وفاء الأحرار 2، ليكون أسرانا الأبطال أحرار بيننا كما حصل في صفقة "وفاء الأحرار" الأولى".

الأمل الوحيد..

من جهته، اعتبر الكاتب والمختص في شؤون الأسرى ​عبد الناصر فروانة​، أنّ صفقات التبادل هي الأمل الوحيد للأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال، خصوصاً من هم ذوي أحكام عالية، وتصر "إسرائيل" على أن تبقى قضيتهم في قبضتها وتماطل في التفاوض من أجل مبدأ التبادل.

وفي حديث إلى "النشرة"، قال فروانة إنّ "إسرائيل" وحكوماتها المتعاقبة تبنت ولا تزال تتبنى مبدأ القوة كخيار استراتيجي لاستعادة جنودها المختطفين أو المأسورين، حتى ولو أدى ذلك إلى مقتل بعضهم أو جميعهم، وترفض مبدأ التبادل، وتراهن على قدراتها الأمنية والعسكرية وعملائها في استعادة جنودها.

وأشار فروانة وهو مدير دائرة الاحصاء في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين أيضاً، أنّه إذا فشلت "إسرائيل" في تحقيق ذلك ، فإنّها ستلجأ مجبرة للتفاوض وصولاً لإنجاز صفقة التبادل، وأضاف: "فصائل المقاومة الفلسطينية وفية لأسراها، ولم تتركهم وحدهم يقارعون السجان، وهي تدرك بأن تغيير المعادلة وتحرير الأسرى يحتاج إلى ثقافة جديدة أدخلتها في قاموسها عنوانها القوة".

(1)السجن الافتراضي أقامته "كتائب القسام" و"الكتلة الإسلامية"، الإطار الطلابي لحركة "حماس" بحي الرمال وسط مدينة غزة، وبداخله 6 زنازين فردية تحمل كل واحدة منها صور وأسماء لجنود إسرائيليين أسرتهم "القسام" خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وعلامة استفهام على البقيّة، وبرج للمراقبة وأسلاك شائكة تغطي الزنازين.

(2)صفقة "شاليط" أسمتها حركة "حماس" بصفقة "وفاء الأحرار" هي أكبر صفقة تبادل حققتها المقاومة الفلسطينية مع الاحتلال قبل أربعة أعوام وتم الإفراج بموجبها عن 1027 أسيراً مقابل الجندي "جلعاد شاليط" الذي استمر أسره خمس سنوات متتالية في قطاع غزة.