تمضي "​حركة فتح​" كبرى فصائل "​منظمة التحرير الفلسطينية​" قدما في ترتيب بيتها الداخلي، معتمدة على "قوات الامن الوطني" الذراع العسكري لها في لبنان، حيث تؤكد كل قراراتها الادارية والتنظيمية انها اتخذت اجراءات غير مسبوقة منذ سنوات لوقف استمرار مسلسل اغتيال وتصفية كوادرها وعناصرها في ​مخيم عين الحلوة​ بعدما وصل عددهم الى ثلاثة وعشرين ضحية.

وفق مصادر "فتحاوية" لـ"النشرة"، فان الحركة تعمل على خطين موازيين، الاول: مد يدها للتعاون والتنسيق مع القوى الوطنية والاسلامية لتحصين أمن المخيم وإستقراره والجوار اللبناني ووقف الاغتيالات وعدم الانزلاق الى أتون اقتتال داخلي قد لا تحمد عقباه، سيما وان معلومات توفرت لدى مسؤوليها بان هناك محاولة من بعض المجموعات الاسلامية المتشددة تعمل بأجندة خارجية، تسعى لتكرار سيناريو التدمير والتهجير أسوة بما جرى في "اليرموك" في سوريا وسابقا في "نهر البارد" في شمال لبنان حين خطفت المخيم مجموعة من "​فتح الاسلام​" بزعامة الارهابي ​شاكر العبسي​ وافتعلت اعتداء واقتتالاً ضد ​الجيش اللبناني​، وصولا الى شطب العنوان الفلسطيني عن المخيم كرمز لقضية اللاجئين وحق العودة.

وهذا المسار يواجه بين الحين والاخر عثرات وثغرات في التطبيق الميداني على الارض رغم ان موقف كل القوى الفلسطينية موحد على اعتبار الساحة الفلسطينية استثنائية تستوجب وضع الخلافات جانبا والعمل على رص الصفوف وهو ما دفعها قبل عام ونصف الى اطلاق المبادرة الفلسطينية الموحدة لحماية المخيمات والحفاظ على العلاقات الفلسطينية-اللبنانية وبعدها تشكيل اللجنة الامنية الفلسطينية العليا كإطار قيادي للمتابعة اليومية وتشكيل القوة الامنية المشتركة التي كان يؤمل ان تعمم تجربتها على كل المخيمات بعد عين الحلوة والميّة وميّة.

وتشير المصادر "الفتحاوية" إلى ان المسار الثاني داخلي ويرتكز على إعادة هيكلة قوات الامن الوطني الفلسطيني في لبنان كونها الذراع العسكري لحركة "فتح" بعد عملية ترتيبات سابقة قضت بدمج كل المقاتلين فيها والغاء "الكفاح المسلح الفلسطيني" لتصبح ثلاثية الابعاد القيادة السياسية (اعضاء قيادة الساحة برئاسة فتحي ابو العردات)، القيادة التنظيمية (اقليم لبنان برئاسة رفعت شناعة) والقيادة العسكرية (الامن الوطني برئاسة اللواء صبحي ابو عرب).

على المستويين السياسي والتنظيمي "الفتحاوي"، تجري الامور وفق ما هو مرسوم لها، بالتعاون مع سفير دولة فلسطين في لبنان اشرف دبور الذي يتمتع بنفوذ قوي، فيما المستوى العسكري بدأ يشهد منذ فترة تغييرات وتشكيلات قيادية جديدة تتناسب مع متطلبات المرحلة المقبلة على ضوء نتائج الاشتباكات الاخيرة بين حركة "فتح" و"المجموعات الاسلامية المتشددة" لجهة مواجهة تمدد نفوذها ومنعها من احكام قبضتهاعلى قرار المخيم السياسي والعسكري.

وتؤكد مصادر "فتحاوية" لـ"النشرة" ان شارة الانطلاق لبدء هذه التغييرات العسكرية انطلقت مع الزيارة الاولى للقائد العام للامن الوطني اللواء ​نضال ابو دخان​ الى لبنان برفقة عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" المشرف على الساحة اللبناني عزام الاحمد على خلفية اغتيال قائد "كتيبة شهداء شاتيلا" العميد ​طلال بلاونة​ في مخيم عين الحلوة في 25 تموز الماضي، ثم استتبعت بعد ايام قليلة بايفاد مجموعة من الضابط العسكريين من قوات "الامن الوطني" من رام الله في مهمة مزدوجة، حيث انقسم الى فريقين، الاول مؤلف من خمسة ضباط ومهمته اعداد تقارير مفصلة حول واقع كل المخيمات تحديدا عين الحلوة والرشيدية في الجنوب، وبرج البراجنة في العاصمة بيروت والبداوي في الشمال وعلى الاخص عين الحلوة من الناحيتين العسكرية والامنية وقد اتخذ قرار بانشاء "غرفة عمليات مشتركة" مقرها عين الحلوة ويتناوب عليها هؤلاء الضباط شخصيا.

اما الفريق الثاني فهو مؤلف من ستّة ضباط، ومهمته انطلقت باقامة الدورة العسكرية الثالثة في مخيم الرشيدية بهدف اعادة تأهيل وتدريب عناصر الامن الوطني الفلسطيني كي يكون نواة قوة عسكرية ضاربة، تفرز الى القوة الامنية المشتركة لاحقا، او تساهم في حفظ أمن واستقرار المخيمات حيثما تدعو الحاجة، وتدريب الدورة الثالثة يختلف عن السابقتين لجهة التأهيل والتدريب اذ تحاكي معركة يتخلله هجوم.

ووفق معلومات "النشرة"، فان المستوى العسكري يستكمل باجراء تعيينات جديدة، بعد تعيين قائد كتيبة "ابو حسن سلامة" برئاسة سعيد العرموشي "ابو اشرف" قائدا للامن الوطني في منطقة صيدا ليكتمل عقد المناطق، اذ يتولى العقيد يوسف غضية مسؤولية منطقة بيروت، ابو عماد الوني منطقة الشمال وتوفيق العبدالله منطقة صور، سهيل ابو رمزي منطقة البقاع، بينما يتواجد في عين الحلوة خمسة كتائب هي الاولى كتيبة "ابو جهاد الوزير" برئاسة ابو شادي السبربري، الثانية "كتيبة شهداء شاتيلا" برئاسة جمال قدسية (الذي عين بدلا من العميد طلال الاردني)، الثالثة كتيبة "بيت المقدس" برئاسة ابراهيم المقدح (الطاووس) الرابعة كتيبة "يونس عواد" برئاسة بلال الاقرع، والخامسة كتيبة "ابو حسن سلامة" برئاسة العرموشي الى جانب مهامه، ويجري حاليا دراسة تحويل الكتائب (التي تضم اكثر من متئي عنصرا) الى "وحدات" عسكرية (التي لا تتجاوز عدد عناصرها الخمسين) وربطها جميعا بـ "غرفة العمليات المشتركة" لسهولة تلقي الاوامر والتنفيذ، على ان يتم اختيارهم من المدربين ومن جيل الشباب بعد تنحية كبار السن وغير القادرين على القيام بالمهام العسكرية.

في الخلاصة، "فتح" ترفع بيد غصن زيتون وتمد يدها للتعاون مع القوى الفلسطينية بما يحمي المخيّم ويوقف الاغتيالات والتوتير والاشتباكات، وتستعد باليد الاخرى لأي مواجهة قادمة سيكون عنوانها مرحلة ما قبل اغتيال الاردني ليس كما بعده وان الاغتيالات انتهت بلا رجعة... والا؟