لا تفهم قوى المعارضة السورية وبالتحديد السياسية منها مرور تصريح الرئيس السوري ​بشار الأسد​ الذي قال فيه ان "لا امكانية لحل سياسي للأزمة السورية قبل القضاء على الارهابيين" مرور الكرام لدى الجهات الدولية التي يُفترض أن تكون صديقة لها وداعمة لحل سياسي سريع للأزمة المتفاقمة منذ العام 2011، لا بل هي لا تستوعب توجّه المبعوث الدولي ​ستيفان دي مستورا​ بعد ساعات فقط على التصريح الى دمشق للقاء أركان النظام بمسعى لاستكمال مهامه وتعبيد الطريق أمام مبادرته الأخيرة. كما لم تنجح بعد هذه المعارضة بتفسير خروج وزير الخارجية الأميركية جون كيري قبل أيام معدودة ليقول أن موعد رحيل الأسد قابل للتفاوض، وأخيرا اعلان الناطق باسم أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون ان مصير الأسد يقرره الشعب السوري.

وتتزامن كل هذه المواقف التي تُعتبر صادمة للمعارضين السوريين وخاصة أولئك المنضوين في الاتئلاف السوري، مع الدخول الروسي العسكري الى الميدان السوري من دون ردود فعل تُذكر. وتقول مصادر المعارضة في هذا الاطار: "بدل أن يخرج المجتمع الدولي ليدين اقتحام الروس الأراضي السورية بالأسلحة الثقيلة، رأينا واشنطن تكتفي بتعداد الدبابات الروسية والطائرات الحربية التي صورتها أقمارها الصناعية... وكأن الحدث عابر ولا شيء فيه يستدعي تحرك الأمم المتحدة".

ولا تتردد هذه المصادر بالتعبير عن مخاوف حقيقية من أن تكون خلاصة المواقف السابق ذكرها اضافة للمشهد العسكري الروسي على الساحل السوري اعلان رسمي من قبل الولايات المتحدة الأميركية عن تسليم محور موسكو-طهران الملف السوري كنتيجة للاتفاق النووي الايراني.

بالمقابل، يستبعد مراقبون أن تكون الأمور قد وصلت لحد تسليم واشنطن الملف السوري بالكامل لأخصامها، ويقرأون بالدخول الروسي العسكري على خط الأزمة السورية مسعى للضغط على الأميركيين للسير بحل سياسي يحفظ موقع الأسد في أي مرحلة انتقالية.

ويرى هؤلاء بانزال الترسانة الروسية على الساحل السوري "عرض عضلات" لن يتطور لمشاركة فعلية بعمليات القتال الدائرة في الميدان السوري، بالرغم من كل المعلومات التي يتم تداولها عن طائرات روسية حربية واستطلاعية تقوم بمهمات محددة في الأجواء السورية.

وقد بدأ صدى التطورات على الضفة السورية يتردد في الداخل اللبناني، حيث يحاول حلفاء سوريا وبالتحديد فريق "8 آذار" اشاعة أجواء توحي بحسم المعركة السورية لصالحه، بالتزامن مع حديثه عن قرب موعد استثمار الربح في الملفات الداخلية وأبرزها الملف الرئاسي.

ويرى مراقبون أن انطلاق جلسات الحوار الوطني اللبناني بين ليلة وضحاها وتأمين استمراريتها بالرغم من كل العقبات المحيطة، أكبر دليل على أن المتغيرات الاقليمية بدأت تلفح الداخل اللبناني الذي يتحضر لتلقف ما ستقذفه اليه الرياح السورية بعد نضوج الاتفاق النووي الايراني.

وفي حين قد يحسم البعض بأن تسليم الملف السوري للمحور الايراني يعني انتخاب أحد حلفاء سوريا وايران وبالتحديد رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون أو رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​ رئيسا للبلاد، يرى البعض الآخر أن ذلك يدفع أكثر فأكثر باتجاه التوافق على رئيس غير محسوب بشكل مباشر على المحور المذكور، بل قريب منه ومقبول من المحور الآخر.

بالمحصلة، يبدو جليا أن الأزمة السورية دخلت منعطفا جديدا يؤدي في نهايته الى اعتماد حل سياسي نظرا الى ان التضخم العسكري الذي يشهده الميدان حاليا، وفي حال استمر على ما هو عليه يمهد لحرب عالمية ثالثة، ليس أي من الاطراف الكبرى المعنية جاهزا لها او يريدها.