لولا مسارعة الرئيس سعد الحريري ومساعديه، أمس، الى تكثيف الاتصالات واللقاءات، لكان اليوم شهد «انفجار» موظفي آل الحريري في وجه زعيمهم المغترب، بعدما باتت المواعيد التي يضربها لحلّ أزمة عدم دفع الرواتب مجرّد «مسكّنات» لتهدئة أوجاع أولئك الذين لم يتقاضوا مستحقاتهم المالية منذ سبعة أشهر. وعد الحريري موظفيه، قبل شهر، باقتراب «الفرج» قبل عيد الأضحى، فانتظر هؤلاء بعد العيد، حتى نهاية الشهر، من دون أن يروا دفعاً ولا من يدفعون.

ومع ازدياد يقينهم بأن عمر الأزمة المالية لوريث الحريرية لم يعد يحتسب بالأسابيع والشهور، وبأن «المغارة» السعودية مقفلة في وجه «الشيخ» إلى أجل غير مسمّى، بدأوا التفكير الجدي في إظهار احتجاجهم الى العلن، علّهم يحرجون زعيمهم، أو أحداً من المحيطين به، لإنهاء أزمتهم المالية. أول مظاهر الاحتجاج كان في رسالة من موظفي تلفزيون «المستقبل»، قبل يومين، الى أرملة الرئيس الراحل، نازك الحريري، ناشدوها فيها إنصافهم على حساب المسؤولين عن «الهدر والسرقة في مغارة علي بابا»، علماً بأن مصادر أكّدت لـ»الأخبار» أن الحريري عرض على أرملة والده شراء المحطة فرفضت.

وعلمت «الأخبار» أن الرسالة ترافقت مع مشاورات مكثفة بين الموظفين (وخصوصاً المسؤولين عن نشرات الأخبار والموقع الإلكتروني للمحطة) تقرّر بعدها وقف العمل في الموقع والامتناع عن بث نشرتي أخبار السابعة والنصف صباحاً، والحادية عشرة ليلاً، بدءاً من اليوم، في حال عدم تحويل رواتبهم الى المصارف بحلول مساء أمس. ويؤكّد بعض هؤلاء أن قرارهم هذا هو «آخر الدواء بعدما صبرنا كثيراً وتفهّمنا ظروف الرئيس الحريري بسبب ارتباطنا الإنساني بالرئيس الشهيد، وحرصنا على عدم الظهور في مظهر ناكري الجميل أو المنقلبين على تيار المستقبل».

هذا التوجه وضع الحريري في «خانة اليكّ»، فسارع الى تكليف مستشاره الإعلامي هاني حمود التواصل مع الموظفين لإيجاد مخرج يحفظ ماء الوجه. وبالفعل، كثّف حمّود اتصالاته أمس، واستدعى عدداً من المنسقين ومن المسؤولين في المحطّة الذين يمتنع بعضهم منذ نحو ثلاثة أشهر عن الحضور إلى مكاتبهم، وعلى رأسهم المدير العام للتلفزيون رمزي الجبيلي. وبحسب المعلومات، فقد أكّد حمّود أنه في صدد إجراء تقويم لعمل الموظفين داخل المحطة «من أكبر مسؤول فيها إلى أصغر عامل، ورفع تقرير إلى الرئيس الحريري، تمهيداً لوضع خطة إعادة هيكلة تقوم على خفض النفقات والاستغناء عن بعض من يتقاضون رواتب ضخمة». وتمخّضت محادثات حمود عن تحويل «راتب شهر واحد من أصل سبعة أشهر» حصراً لموظفي الشاشة الزرقاء.

قبل المعترضون براتب الشهر الواحد على قاعدة «خذ وطالب»، وإفساحاً في المجال أمام الحريري الذي يبدو أنه لم ييأس من «رحمة» المملكة العربية السعودية. إذ يقول مقربون منه إنه «لا يزال يأمل خيراً مع انتهاء موسم الحج، ومع بدء توزيع العائدات على الأمراء والمحسوبين على المملكة»، ما قد يساعد التيار على إغلاق ملف الديون المفتوح منذ 7 أشهر.