كما هو الحال في معظم الأحداث المرتبطة بالأوضاع السورية، منذ بدء الحرب هناك، لم تغب الحركات والجماعات الإسلامية والسلفية في لبنان عن واجهة التطورات الأخيرة على الإطلاق، لا بل هي لها مواقفها الواضحة التي تعبّر عنها بمختلف الوسائل المتاحة، بغض النظر عن التداعيات التي قد تترتب عن ذلك.

بالنسبة إلى معظم هذه الحركات، هناك وحدة حال بين الميدانين السوري واللبناني، وبالتالي هم لا يجدون أي أمل لهم في تحسين أوضاعهم المحليّة، في حال سقوط قوى المعارضة السورية، التي يراهنون على وصولها إلى السلطة منذ اليوم الأول، لا بل هم لم يترددوا بالكثير من الأحيان في إطلاق التهديدات، مستعينين بقوة "الثوار" السوريين.

في المرحلة الراهنة، بات القرار الروسي، القاضي بالتدخل في ​الحرب السورية​ بشكل مباشر، هو الحدث الأبرز على الساحتين الإقليمية والدولية، خصوصاً مع بروز توقّعات بأن يكون عاملاً حاسماً إلى حد بعيد، الأمر الذي أدى إلى إنقسام المواقف من حوله، إلا أن مصادر إسلامية مطلعة تؤكد، عبر "النشرة"، أن هناك شبه إجماع في النظرة إليه لدى ​الحركات السلفية​ والإسلامية، نظراً إلى أن أسبابه الموجبة واضحة بما لا يقبل الشك بدعم الرئيس السوري ​بشار الأسد​، بعد أن نجح "الثوار" في توجيه العديد من الضربات الموجعة له.

من وجهة نظر هذه المصادر، ليس هناك من جماعات متطرفة على الأرض السورية، باستثناء تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي تعتبره من صنيعة النظام، وبالتالي لا علاقة له بـ"الثورة" بأي شكل من الأشكال، وترى أن الدليل على ذلك هو المواجهات التي تحصل بين الجانبين على مختلف الجبهات المشتركة، إلا أنها تتجاهل أمراً أساسياً يكمن بأن الخلاف بين أبرز فصيلين، أي "داعش" و"​جبهة النصرة​"، هو تنظيمي بحت يتعلق بـ"البَيْعة"، وهو ما يتأكد من خلال دعوات زعيم "​تنظيم القاعدة​" ​أيمن الظواهري​ المتكررة لكافة الفصائل العاملة على الأرض السورية إلى الوحدة.

وترفض هذه المصادر كل الإنتقادات التي توجه إلى موضوع المقاتلين الأجانب، في صفوف قوى المعارضة، فهي ترى أن الرئيس الأسد يستعين بهم أيضاً، حيث يشاركه في القتال عراقيون وإيرانيون وأفغان ولبنانيون، وبالتالي هي تعتبر أن "نصرة بعض المسلمين" اخوانهم في سوريا أمر طبيعي، خصوصاً أن المجتمع الدولي تخلى عنهم منذ البداية، ولم يقدم لهم أي مساعدات عسكرية أو إنسانية، مع تشديدها على أنها لم تدع في يوم من الأيام اللبنانيين إلى الذهاب إلى سوريا للقتال، كما يفعل "حزب الله" من دون حسيب أو رقيب، لكنها تعتبر أن هذا الواقع لن يستمر طويلاً، فهي لا تزال تؤمن أن أيام الرئيس السوري معدودة.

وفي حين كانت مواقفها شبه معدومة من ​التحالف الدولي​ لمحاربة الإرهاب، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، تصدرت هذه الحركات والجماعات المشهد مع الخطوات الروسية المستجدة، ربما لأن القوى الإقليمية الراعية لها كانت مشاركة في التحالف الأميركي، مستعينة بعبارات طغت أيام الحرب الأفغانية في مرحلة ​الاتحاد السوفياتي​ السابق، من "العدو الروسي" إلى "الإحتلال الروسي" وصولاً إلى دعوة السوريين إلى "مقاومته"، بكل الوسائل الممكنة، والتي جاء أبرزها على لسان مفتي جبل لبنان الشيخ ​محمد علي الجوزو​، الذي ناشد من أسماهم "الفدائيين" في سوريا تفجير القاعدة الروسية في اللاذقية.

عموماً، ليس لدى هذه القوى، المختلفة فيما بينها في الكثير من القضايا، القدرة على إحداث تحولات ميدانية على أرض الواقع، لكن عندما تعود موجة "المهاجرين" اللبنانيين، نحو سوريا و​العراق​، إلى الحركة من جديد، بهدف الإنضمام نحو التنظيمات المتطرفة من أمثال "القاعدة" و"داعش"، لا يجب أخذ الكثير من الوقت لفهم الأسباب الحقيقية، فهناك من يتولى التمهيد النظري من الآن.