جاءت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة ​بان كي مون​ إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، في محاولة للتوصل إلى تهدئة للأوضاع الساخنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والقدس، خصوصاً مع تصاعد وتيرة الأحداث بشكل يومي في مختلف المناطق الفلسطينية.

وبينما أكد سياسون على أهمية هذه الزيارة، واعتبرها آخرون محاولة لوقف الانتفاضة، قلل مراقبون من نتائجها واعتبروا أنها لن تأتي بجديد بما يخص الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سيما وأن دور كي مون يأتي مكملاً لإسرائيل وأميركا، التي فشلت أصلاً في التعامل مع المستجدّات الأخيرة.

لا أدوات ضغط

من هؤلاء الكاتب السياسي ​طلال عوكل​، الذي يشكّك بإمكانية تحقيق زيارة كي مون أيّ خرق، لجهة تكريس تهدئةٍ ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ظل تصاعد الانتفاضة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لأنّ دوره يأتي مكملاً للدور الأميركي والإسرائيلي وليس أساسياً، وبالتالي فهو لا يملك أدوات ضغط على الفلسطينيين والإسرائيليين.

وفي حديث إلى "النشرة"، يوضح عوكل أنّ كي مون "جاء للمنطقة لتهدئة الأوضاع، رغم أنّ أحد أهداف الهبّة الجماهيرية تدخّل المجتمع الدولي لتعديل مسار التسوية واستئناف المفاوضات على أسس جدية"، على حد قوله.

ويلفت عوكل إلى أنّ الدور الأميركي ليس دوراً محايداً، لأنه "أشاح وجهه عن الملف الفلسطيني-الإسرائيلي، ووضع أولويات أخرى في المنطقة"، مشدداً على أن "إسرائيل" في هذه المرحلة تعيش في مأزق، لافتاً إلى أنّ الولايات المتحدة كانت تريد ان يبقى الوضع على حاله بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتقف ضد أي محاولة لتغيير الوضع.

الزيارة هامة

وفي الوقت الذي وجّه فيه المبعوث الأممي رسالة للفلسطينيين والإسرائيليين، وأشار فيها إلى أن "العنف لن يؤدي سوى إلى تقويض التطلعات الفلسطينية المشروعة لإقامة الدولة والحفاظ على أمن إسرائيل"، يصف رئيس الهيئة القيادية العُليا لحركة "فتح" ​يحيى رباح​ زيارة المبعوث الأممي بالهامة جداً، لافتاً إلى أنها أتت في الوقت الذي كذّب فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية ​بنيامين نتانياهو​ على حكومته والشعب الإسرائيلي وجمهور كبير من الراي العام الدولي، زاعمًا بأنّ الاحداث في فسطين تحت السيطرة ويستطيع ان ينهي الهبة الشعبية وقتما يريد، حسب قوله.

ويقول رباح لـ"النشرة": "دخلنا في الأسبوع الرابع من عمر هذه الهبّة ومساحة الاشتباك تزداد، إضافة إلى الخسائر البشرية، وبالتالي فإنّ الوضع ينذر بخطر وانفجار كبير في فلسطين والمنطقة بشكل عام".

ويرى رباح أنّ زيارة كي مون المفاجئة تأتي في ظل طلب عدد كبير من الدول إجراءات معينة من الأمين العام، منها نشر مراقبين دوليين في القدس، وهو طلب تقدم به مشروع قرار فرنسي ورفضته إسرائيل، لكن فرنسا عادت لتوزعه على أعضاء مجلس الأمن، ما يعني أنه يهم بان كي مون، إضافة إلى أنه سيلقي بنفسه نظرة على الموضوع كي يرى بعينه خطورة ما يحدث ويتخذ قراراً في مجلس الأمن.

نتيجة فشل

في المقابل، يرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية ​وليد المدلل​ أنّ الزيارة أتت نتيجة ضغوط إسرائيلية وأميركية، في الوقت الذي لم تأتِ فيه الجهود الأميركية والغربية بشيء للجم الانتفاضة في فلسطين، مشيراً إلى أن ذلك دفع المبعوث الأممي القيام بهذه الزيارة المفاجئة والتي لم يخطط لها ولم يعلن عنها مسبقاً.

وفي حديث إلى "النشرة"، يعتبر المدلل أنّ الولايات المتحدة فشلت في التعاطي مع الانتفاضة، سيما وأنها الوسيط الذي يمكن أن يتدخل لحل الأوضاع القائمة باعتبارها طرفًا أساسيًا، إلا أنّها لم تقم بما يكفي في ما يتعلق بالاستيطان والتهويد، وأعطت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الضوء الاخضر لأجل اكمال مخططاته، ونتيجة لذلك انفجر الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال.

ويقلل الباحث المدلل من أن تلعب الولايات المتحدة دور الوسيط في ما يحدث، لذلك تم الدفع ببان كي مون، الذي لم يحقق شيئًا من وراء هذه الزيارة، خاصة أنّ الرسائل التي أرسلها قبيل زيارته كانت متعارضة مع الفلسطينيين.

لا تعويل إذاً على زيارة بان كي مون. يرى الفلسطينيون أنّها لن تقدّم ولن تؤخّر، ليس بالضرورة لأنّ المبعوث الأممي لا يريد ذلك، ولكن لأنّه ليس قادراً. فإذا كان الأصيل عجز عن وقف عجلات ما يحلو للكثيرين تسميته بالانتفاضة الثالثة، فإنّ الوكيل لن يكون أفضل حالاً...