يؤكّد العاملون على خط الاعداد للجلسة التشريعية أن الوقائع التي بين أيديهم، والرسائل التي تناقلوها بين أكثر من معني، لا توصل حتى اللحظة الى الخاتمة التي تسمح لرئيس المجلس النيابي نبيه بري بالدخول الى قاعة الهيئة العامة والجلوس على كرسيه ممسكاً بمطرقته قائلا "افتتحت الجلسة".

فوفق معلومات "البلد" فإن عقدة الميثاقية المتمثّلة بمشاركة المكونات المسيحية الرئيسة لم تذلل بعد. فإذا كان حزب الكتائب قد حشر نفسه منذ البداية في خانة " لا تشريع في ظل غياب رئيس الجمهورية"، فإن التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لا يزالان يبشّران بتشريع الضرورة. ولا تظهر كواليس الاتصالات تراجعهما على هذا الصعيد، خصوصاً لجهة المطالبة بادراج قانون الانتخاب على جدول اعمال جلسة الثاني عشر من تشرين الأول.

ينظر المتابعون الى تلويح رئيس المجلس بعقد جلسة بغياب الوطني الحر والقوات بالتهويل، إذ ان بري لن يرتكب معصية هذه السابقة، وهو من واجهها حكومياً، بعد خروج وزراء امل وحزب الله في العام 2006، واصفاً حكومة الرئيس فؤاد السنيورة آنذاك "بالبتراء"، ومجلسياً في امتناعه عن عقد جلسة في غياب تيار المستقبل. وبالتالي، يفترض أن يطبّق بري في حالة غياب التيار والقوات، ما يطبّقه في غياب المستقبل، والاّ فسيكون وقع في الاستنسابية غير المبررة.

وفي الوقت الذي تؤكد أوساط عين التينة للبلد أن رئيس المجلس تعامل بالايجابية الممكنة راهناً مع مطالب التيار والقوات، مدرجاً استعادة الجنسية المقدّم من قبلهما بصيغة المعجّل المكرر، وعائدات البلديات من الهاتف الخلوي المقدّم من العماد ميشال عون في العام 2012، فإن هذه الأوساط تفترض أن تعاملها الأطراف المعنية بالايجابية عينها، والحضور الى الجلسة التي تعتبر من الضرورات في المرحلة الراهنة، لابقاء الامل بالمؤسسات، ومعالجة متطلبات الناس، والاستجابة للمطالب الدولية المتعلّقة بالقروض والهبات ومكافحة تبييض الأموال.

في المقابل، تشير معلومات "البلد" الى أن باب التفاوض لم يقفل بعد بالنسبة الى التيار والقوات، وهو سيبقى مفتوحاً حتى ساعات من موعد الجلسة. فإذا برزت إيجابية من قبل رئيس المجلس يبنى عليها، والاّ فلن يكون بالإمكان افضل من عدم المشاركة في ما هو مقدّم.

في الساعات الماضية، بدا أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون يرسل رسائل الى عين التينة بقوله إنه ينتظر أجوبة من قبل رئيس المجلس. ووفق معلومات "البلد" فإن الانتظار هذا يتعلّق بضمانات تطلبها الرابية لجهة مسار التصويت في الجلسة التشريعية على استعادة الجنسية وحقوق البلديات. ويؤكد المواكبون لحركة الاتصالات رفض "مشاركة الزور" في الجلسة، بمعنى تأمين النصاب والميثاقية، وتمرير "مسرحية" تطيير الاقتراحات. فالجنسية اللبنانية حق لمستحقيها، وعائدات الخلوي حق للبلديات، يبدو أكثر أهمية في ضوء ازمة النفايات المستمرة، ما يترك على البلديات أعباء جمع ورفع ومعالجة النفايات المتكدسة بين المنازل وعلى الطرقات، الامر الذي لا يحتمل الدلع والتسويف في مقاربة الحلول والذهاب حتى النهاية في تحويلها الى واقع.

لذلك، تترك الرابية على عاتق رئيس المجلس التشاور مع الكتل المختلفة لمعرفة ما سيؤول اليه التصويت، فإن كان ايجابياً يمكن عندها التفكير بإمكان النزول الى الجلسة، و"الاّ فلن ينجح احد في جرّ الكتل المسيحية الى السلّة الفاضية"، خصوصاً أن مسألة إعادة تكوين السلطة تبدو اكثر الحاحاً من أي وقت مضى، في ضوء تعثّر الحلول الكبرى راهناً، وسير الساحة الداخلية بين المطبات التي جعلت كل شيء جامد عند خانة التأجيل المربوط بالاستحقاقات الخارجية. ما يفترض ولوج الحل القائم على العودة الى الشعب، لتعيد صناديق الاقتراع تجديد الحياة المؤسساتية، والاّ "فالتصلّب في شرايين الديموقراطية سيكون له تداعياته السلبية على الجسم الوطني والمؤسساتي.

هذا في الشق المتعلّق بالكتل المسيحية. وفي غضون ذلك، تشير المعطيات الى أن تيار المستقبل لن يذهب الى فكفكة العقد التشريعية في حال عدم تذليل العقدة الحكومية. وتفيد المعلومات بأن العاملين على خط الوساطة بين رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة وعين التينة نقلوا رسالة واضحة لبري ولمن يعنيهم الامر "اعطونا لنعطيكم" وان لا حلّ في ساحة النجمة في غياب الحلّ في السرايا الحكومية.

وسط ما تقدّم يبقى السؤال عن قانون الانتخاب. وبينما لا تزال عين التينة عند سؤالها أي قانون ندرج على جدول الاعمال في ضوء الاقتراحات المتعددة؟ تشير معلومات "البلد" الى أن هناك من يسوّق لامكان إعادة الحياة للجنة بحث قانون الانتخاب للتوصل الى صيغة موحّدة ضمن محلة زمنية محددة. الاّ ان هذه الفكرة تصطدم برفض المستقبل للنظام النسبي من جهة، ولسلبية التجارب السابقة لجهة الاكتفاء بتمرير الوقت من دون العبور الجدّي الى الهيئة العامة للتصويت والاقرار.

من هنا، تبدو الاحتمالات مفتوحة. وإن كانت أوساط عين التينة تنحو الى الإيجابية في الرد على سائليها عن انعقاد الجلسة من عدمها، فإن الوقائع تشير الى أن انعقاد الجلسة التشريعية الأولى بعد سنة على الجلسة الأخيرة لا يزال يحتاج الى مزيد من الجدّية في السعي الى تذليل العقبات في ما يمكن وصفه بأسبوع الحسم.