الميثاق الوطني هو عهد بين اللبنانيين على العيش معا بمحبة ووئام والفة واحترام للاعراف في وطن ينعم باستقلال ناجز وصحيح تجاه جميع دول الغرب وتجاه جميع دول الشرق، وبسيادة وطنية تامة لا استزلام فيها للغرب او للشرق وفي ظل دستور منيع يضمن الحقوق والاعراف الميثاقية والواجبات والاحترام المتبادل بين السلطات والشعب.

هذا الميثاق غير مكتوب، ولكنه محفور في ضمير الأمّة اللبنانية منذ سنة 1943، تكرّس في التعديل الدستوري لسنة 1990 بالفقرة (ي) من مقدمة الدستور "لا شرعية لاي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك"، وهو لا يزال، وسيبقى، الركيزة الاساس في كينونة لبنان ووجوده.

ونفهم من ذلك، ان جميع مواد الدستور تعتبر احكاما ميثاقية عند تطبيقها بصورة صحيحة من قبل السلطات الدستورية. ومن هنا، فان اجتماع المجلس النيابي للاشتراع قبل انتخاب رئيس للجمهورية يشكل خرقا ميثاقيا ودستوريا في آن، لان هذا المركز تتمثل به الطوائف المسيحية ولا يجوز الاشتراع، احتراما للميثاق، بمعزل عن وجود رئيس للجمهورية يضطلع بمهامه ويشرف على التشريع، ولان المجلس النيابي قبل انتخاب الرئيس هو مجرد هيئة انتخابية فقط ولا يتمتع باي اختصاص اشتراعي على الاطلاق عملاً بالمادة 76 دستور.

وحيال ذلك، اذا ما اقدم المجلس النيابي (الممدد لنفسه) على الاشتراع فيكون قد خرج عن الشرعية الميثاقية واصبحت مقرراته، حكما، معدومة الوجود والاثر. ولا نعتقد ان المؤسسات الدولية ستقبل بهكذا مقررات صادرة عن مجلس نيابي فاقـد كليا لاي اختصاص تشريعي من اي نوع كان، ولان انتخاب الرئيس هو واجـب وطني ميثاقي، ولا شرعيـة ولا وجود للاشتراع بدونه تحت اي ظرف من الظروف.

وننوه بالقول، ان التأخير في انتخاب رئيس للجمهورية مرده الى ان فريقا من اللبنانيين يراهن على الشرق للوصول الى سدة الرئاسة دون الاعتداد بالميثاق، وآخر يستجير بالشرق والغرب معا حفاظا على مواقعه في السلطة. وهذا الامر ينهض بدوره سببا اضافيا يسهم في عدم ميثاقية الاشتراع بمعزل عن وجود رئيس للبلاد. كما ان فرض نصاب الثلثين بدلا من الاكثرية المطلقة لانتخاب الرئيس يشكل مخالفة واضحة وصريحة ومقصودة للمادة 49 دستور عدا انها مخالفة ميثاقية بامتياز اذ لا يجوز لثلث النواب ان يعطلوا انتخاب رئيس الدولـة لمدة سنة ونصف وربما مرة بعد مرة والى ما لا نهاية!

وان الشعب اللبناني قد بلـغ حد الاختناق من الفقر والعوز والمهانة، ولن يسامحكم ابدا، وبكلمة واحدة: ان الشعب يريد رئيسا ميثاقيا، حيادياً لا شرق ولا غرب و لا استعداء لاحد.