تقف ​شجرة الميلاد(1)وسط مدينة بيت لحم في احدى زوايا ساحة المهد بالقرب من مدخل الكنيسة التي شهدت ميلاد السيد المسيح، وعلى غير عادتها كما كل عام فرحة مزينة بألوان البهجة والفرح، وقد خيّم عليها الحزن في زينتها وألوانها التي توشحت بألوان العلم الفلسطيني، وطغى عليها لون الكرات السوداء حداداً على أرواح الشهداء والأوضاع الصعبة التي تمر بها فلسطين، وهي تتوسط المسافة بين كنيسة المهد ومسجد عمر بن الخطاب، وتضاء بألوان الأخضر، والأحمر، والأبيض، والأسود، لتلفت أنظار الزائر والقادم إلى مهد المسيح.

وبرغم الأوضاع الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون، ستضاء شجرة الميلاد في مدينة السلام مساء اليوم، إذ يريد الفلسطينيون من خلالها إيصال رسائل متعددة من العالم، في الوقت الذي تخلى فيه الكثيرون عن فلسطين التي تقبع تحت الاحتلال وممارساته القمعية غاب عنها السلام، وفقاً لما قاله مسؤولون فلسطينيون "إن الشجرة هذا العام رسالة وليس إضاءة فحسب".

رسالة من خلال الشجرة

ويقول ​مروان السقا​ أحد المشرفين من مؤسسة تطوير بيت لحم على تزيين شجرة الميلاد، إن الشجرة تم تصميمها بألوان العلم الفلسطيني، وزينتها الكرات الموجودة فيها وتلونت باللون الأسود، كرمز للحداد على أرواح الشهداء وما مرت به بيت لحم ومختلف المدن الفلسطينية من قتل واعتقال وهدم للمنازل وغيرها من ممارسات الاحتلال التعسفية.

وفي حديث إلى "النشرة"، أكد السقا "أننا نريد أن نوصل رسالة من خلال تزيين الشجرة بألوان العلم الفلسطيني هذا العام بأننا موجودون كشعب فلسطيني رغم كل الظروف الصعبة التي نمر بها، وتذكير العالم أجمع ولفت انتباه السائح، والحاج، والزائر القادم إلى بيت لحم بأن هذه الألوان تأكيد على وجود شعب على هذه الأرض، يستحق أن يعيش كغيره من شعوب العالم بحرية، واستقلال وينعم بالسلام".

وأوضح السقا أنه "في السنوات السابقة ونحن نقوم بتزيين الشجرة كنا نشاهد عشرات الأشخاص القادمين من خارج فلسطين والوفود والسياح الأجانب، ومن داخلها وهم يلتقطون صوراً معها، في الوقت الذي نكون فيه قد وصلنا لـ20% من نسبة التزيين، لكنهم هذا العام يمرون بجانبها ولا يلتقطون صوراً بسبب الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد وما سببه الاحتلال من غصة في قلوب الفلسطينيين".

ولفت المشرف على تزيين الشجرة من مؤسسة تطوير بيت لحم التي عكفت على تزيينها منذ عام 2012، إلى

"أننا اعتدنا كلّ عام على إضفاء بريق مميز واستخدام ألوان البهجة والفرح في الزينة، لكن مع الأسف هذا العام كل البلاد حزينة وليس فقط شجرة الميلاد".

مستلزمات ومضايقات

وعن تفاصيل شجرة الميلاد، يقول المشرف السقا، إن طولها يبلغ 20 متراً، ووضعت فيها إضاءة بكمية طولية لـ 5 كيلو ونصف متر مربع، إضافة إلى 400 كرة سوداء من مستلزمات الزينة، مشيراً إلى أن القائمين على تزيين الشجرة هم شركة اتحاد المقاولين الفلسطينيين (CCC)، ومؤسسة تطوير بيت لحم بالتعاون مع ​بلدية بيت لحم​.

وأوضح أن أكثر من 15 عاملاً ومهندساً ومشرفاً من البلدية والمؤسسات المذكورة أشرفوا على تنفيذ الشجرة التي استغرق العمل فيها خمسة أيام على التوالي، لافتاً إلى أنّ شراء الزينة هي من شركة " The Christmas Decorates" البريطانية.

وكشف السقا لـ"النشرة" أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي احتجزت طاقم الشركة البريطانية الذي أدخل مسلتزمات زينة الشجرة 10 ساعات في مطر اللد "بن غوريون" بتل أبيب، وقاموا بحجز الزينة لفترة 6 أيام على التوالي بحجج ودواعٍ أمنية، وقاموا بإتلاف كميات منها.

وتابع: "هوجمنا من الإسرائيليين في أكثر من منطقة، وفي احدى ليالي تزيين الشجرة اقتحم الجيش الإسرائيلي ساحة المهد".

أجراس الكنائس ستقرع

وعن شجرة الميلاد التي من المفترض أن تكون مصدر بهجة وفرحة ​عيد الميلاد​ في مدينة السلام، تقول رئيسة البلدية ​فيرا بابون​، "إنه ورغم الحزن الذي يخيم على الشجرة ومن حولها، فإنها تقف صامتة لتضيء لهم الأمل ومعنى السلام، فهي بصمتها تقف لتضيء وتقول لا يمكن أن نعيش بلا أمل".

وفي حديث لـ"النشرة"، أكدت بابون أننا نريد من إضاءة الشجرة اليوم أن نوصل أصواتنا إلى العالم بأننا شعب يستحق الحرية والسلام، وهي فرصة لتصدير رسالة فلسطين إلى العالم قاطبة لأن كل أنظار العالم ستتجه إلى بيت لحم.

وأوضحت بابون "أنّنا هذا العام لن نطلق الألعاب النارية ابتهاجاً بإضاءة الشجرة، لكننا سنقرع أجراء الكنائس في كل بيت لحم تقديراً لتضحيات ومعاناة شعبنا الفلسطيني وأرواح الشهداء، كشعب يريد الحياة برغم الموت".

وأضافت بابون: "هذا العام احتفال إضاءة الشجرة سيكون فيه رسائل إلى العالم، أول فقرة ستكون من أبناء بيت لحم الأطفال والعمال والرهبان والراهبات والمسلم والمسيحي والفتاة والشاب رسائل بشعارات متعددة من بيت لحم".

وعلمت "النشرة" ان أكثر من 60 كنيسة من دول مختلفة حول العالم، ستقرع أجراسها في وقت إضاءة شجرة الميلاد في بيت لحم في تمام الساعة السادسة مساءً بتوقيت فلسطين اليوم، كصرخة للسلام والحرة والعدالة.

للاطلاع على مزيد من صور شجرة الميلاد في بيت لحماضغط هنا

(1)تضاء شجرة الميلاد اليوم بعد أن اكتمل تزيينها، إيذاناً ببدء احتفالات عيدي الميلاد المجيدة، ورأس السنة في الأراضي المقدسة، في تمام الساعة السادسة مساءً بتوقيت فلسطين، وسط ساحة المهد بالقرب من مدخل الكنيسة التي شهدت ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وسط مشاركة جماهيرية ودينية رسمية واسعة.

وسيشارك في حفل الإضاءة رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدلله، وعدد من المسؤولين الفلسطينيين، إضافة إلى رئيسة بلدية بيت لحم فيرا بابون، ومحافظ بيت لحم، ووزيرة السياحة والأثار رولا معايعة ومستشار الرئيس للشؤون المسيحية المحلية والدولية زياد البندك، وغدد من الوفود والسفراء الأجانب من دول مختلفة منهم 15 برلمانيا إيطالياً وعدد من الوزراء والسفراء والقناصل الأجانب، ورجال دين مسيحيين وعدد من الشخصيات الوطنية والاعتبارية وعشرات المواطنين من جميع الديانات والطوائف.