يدور جدل كبير في العراق حول التدخل العسكري الأمريكي المباشر فيه، حيث تعارض بعض الكتل السياسية هذا التدخل، فيما توافق عليه تكتلات اخرى، إضافة إلى العشائر في محافظتي الأنبار ونينوى. ويظهر التباين في المواقف الأمريكية حوله، ففي الوقت الذي يطرح فيه عضوي مجلس الشيوخ الجمهوريين جون ماكين ولينزي غراهام موضوع إرسال 10 آلاف جندي أمريكي للعراق"، يقول الرئيس أوباما بأنه على الرغم من إرسالنا مزيداً من العسكريين إلى العراق، فنحن لا نخطط لتكرار التدخل العسكري على نموذج عام 2003 في العراق وسوريا.

كانت أمريكا في السابق تكتفي بارسال الخبراء والمستشارين، لتدريب الجيش العراقي وتأهيله، ولكنها اليوم تعمل على زيادة حجم تدخلها العسكري في الميدان العراقي وبشكل تدريجي، وذلك عبر ارسال مجموعات قتالية مهمتها تنفيذ عمليات خاصة ما قد يؤشر الى التدخل البري الممنهج ضمن سياسة الخطوة – خطوة وبحسب الحاجة (أعلن المتحدث بإسم التحالف الدولي الكولونيل ستيف وارن، أن قوة العمليات الخاصة الجديدة التي يجري إرسالها للعراق من الولايات المتحدة من المرجح أن يصل عددها إلى نحو (200) عنصر وسيقومون بعمليات هجومية أو قتالية ستكون صغيرة للغاية )، وقد يكون السبب في ذلك، صراع النفوذ بين أميركا من جهة وروسيا وإيران من جهة اخرى، حيث استطاعت طهران أن تفرض نفسها على الساحة العراقية، من خلال الحشد الشعبي الذي أُنشىء بدعم إيراني وبموافقة الحكومة العراقية، والذي استطاع أن يفرض نفسه في الميدان، من خلال استعادته العديد من المحافظات التي احتلها "داعش"، وعجز الجيش العراقي عن تحريرها من دون الاعتماد على الحشد الشعبي، وسعت أمريكا لضرب هذا المشروع بطلبها من حكومة العبادي طرح مشروع قانون الحرس الوطني الجديد الذي يدعو الى تشكيلات عسكرية، يتكون عديدها من أبناء المحافظات، تكون مهمتها الدفاع عن نفسها، وبديلا عن الحشد الشعبي بحجة أنه إتسم بالطابع الشيعي، وبذلك تكون اميركا اذا ما أُقر هذا القانون، قد شقت طريقها نحو فدرلة العراق، وأَضعفت نفوذ إيران فيه، وتعمل للحد من التدخل الروسي في العراق، لذلك نراها تمنع الحكومة العراقية من عقد الاتفاقيات العسكرية مع روسيا، وتقف في وجهها لمنعها من طلب المساعدة العسكرية لضرب داعش،كما فعل الرئيس الاسد في سوريا، وانما جل ما استطاعته الحكومة هو التنسيق الامني الرباعي (ايران، سوريا، العراق وروسيا) وقد استفادت منه بضرب العديد من مراكز "داعش" وتصفية بعض قيادييه.

لا تريد امريكا القضاء على "داعش" لأنه كما قال أوباما "لا يمثل خطراً استثنائياً على الولايات المتحدة الأمركية".

ولانه لم يتوفر البديل الذي يستطيع ان يقوم بالدور المطلوب منه، فقد عملت امريكا على تهيئة العشائر للقيام بهذا الدور ولكنها لم تنجح، بسبب الانقسامات الحادة بين العشائر، فمنهم من هو مع الدولة ومنهم من يدعم داعش ومنهم من يريد الاستقلال واقامة دولة سنية في الوسط، والسنة لم يلمسوا الجدية المطلوبة من اميركا، ويشتكون منها، لانها لم تعطهم السلاح المطلوب، ولم تساعدهم في تمكين انفسهم للقضاء على "داعش"، بل قامت بتزويده بالسلاح.

وسوف تحتفظ امريكا بورقة "داعش" من اجل مشروعها الداعي الى اعادة رسم المنطقة من جديد، ولكنه يصعب عليها تجاوز اللاعبين الاساسيين الايراني والروسي، وستبقى الامور في العراق ما بين مد وجزر، الى ان يأتي اوآن التسوية التي يقبل بها اطراف الصراع كل بحسبه.