ترأس راعي أبرشية بيروت وجبيل وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك المتروبوليت ​كيرلس بسترس​ قداس الميلاد في كنيسة يوحنا الذهبي الفم في المطرانية - طريق الشام.

وافاد المطران بسترس في كلمة له بعظة العيد أنه "لما بلغ ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من إمرأة، مولودا تحت الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس وننال التبني وان عبارة ملء الزمان تعني صفة جديدة للزمن، إنه الزمن الممتلىء من حضور الله والهدف من إرسال الله ابنه هو "التبني الإلهي" أي ان نصير أبناء الله، بحسب قول يوحنا في مقدمة إنجيله: ان الذين قبلوا المسيح أولئك الذين يؤمنون باسمه، قد أتاهم أن يصيروا أبناء الله، أبناء لم يولدوا من دم ولا من رغبة جسد ولا من إرادة رجل، بل من الله".

وأوضح أن "الإنسان من طبيعته، خلق على صورة الله ومثاله، ان صورة الله هي في طبيعتنا، أي في عقلنا الذي يبحث عن الحقيقة، وفي محبتنا التي هي انعكاس لله المحبة، وفي قدرتنا على صنع الخير والصلاح، الله هو الحقيقة المطلقة والمحبة المطلقة والصلاح المطلق ومثال الله فينا هو في القداسة، أي في تحقيق الصورة من خلال سيرنا في الحقيقة وممارستنا المحبة، وعمل الصالحات وقد جاء يسوع ليعيد لنا المثال الإلهي الذي فقدناه بالخطيئة وهذا ما يعنيه بقوله لنيقوديمس: "ما من أحد يستطيع أن يرى ملكوت الله ما لم يولد من فوق".

ولفت بسترس الى ان "خلاصنا قد تحقق بميلاد طفل جديد، هو كلمة الله الذي منذ الدهور. في هذا العالم الساقط ظهر إنسان كامل ومن خلاله أصبح ممكنا لجميع الناس تحقيق كامل إنسانيتهم، في هذا المجتمع الذي يدعو الى سلوك فاسد، نحن بحاجة الى أن نشهد لهذا الكائن الجديد الذي يولد اليوم في بيت لحم، القادر وحده أن يقودنا الى كمال طبيعتنا البشرية وأن يمنح السلام لجميع شعوب العالم، ان هم آمنوا به واتبعوا وصاياه، يقول بولس الرسول: "ان كان أحد في المسيح، فهو خليقة جديدة فالقديم قد اضمحل وكل شيء قد تجدد".

وأشار إلى أنّه "كلمة الله صار جسدا وسكن بيننا، مملوءا نعمة وحقا، سكن بيننا وسكن فينا، في جسدنا المعرض للضعف والخطيئة، وفي عالمنا الممزق بالحروب والمشوه بكل أنواع الشرور، ان مغارة بيت لحم تمثل هذا الجسد الذي جاء المسيح ليعيد له كرامته وهذا العالم الذي جاء المسيح ليعيد له بهاءه، يقول لنا الإنجيل المقدس "أن يسوع قد ولد في مغارة، وأضجعته مريم في مذود، لأنه لم يكن لهما مكان في المنزل"، مفيداً أنّه "هناك أناسا قبلوا المسيح في قلوبهم ويعملون على تجديد العالم وإنارته بنور المسيح، هناك أناس أتوا من قريب كالرعاة ليمجدوه ومن بعيد كالمجوس ليسجدوا له، فسواء كنا من الرعاة الفقراء أم من المجوس الأغنياء، عيد ميلاد يسوع يدعونا الى ان نخرج من ذواتنا ومن أنانيتنا للقاء المخلص الذي أتى ليبدد ظلمة قلوبنا ويملأنا من نوره الإلهي".

ولفت بسترس إلى أن "هذه السنة يقع عيد الميلاد الإلهي مع عيد المولد النبوي الشريف"، داعياً الى "تجديد تصميمنا على العيش الواحد بين المسيحيين والمسلمين في هذا الوطن الذي ليس مجرد وطن، إنما هو رسالة للشرق والغرب معا، نرجو أن يتحد اللبنانيون وعلى رأسهم المسؤولون في الدولة، لانتخاب رئيس للجمهورية ووضع قانون عادل للانتخابات النيابية"، مشيراً الى أن "مؤسسات الدولة، مع الأسف، مجمدة في معظمها ولم يبق لنا سوى الجيش اللبناني الواحد الرابض على الحدود والذي يحمي الوطن من هجمات المتطرفين الذين لا دين لهم ولا وطن ونطلب الرحمة لشهدائه، ونؤيد خطواته وخطوات سائر القوى الأمنية وخطوات جميع المواطنين ذوي الإرادة الصالحة الذين لا يسعون الى مصلحتهم الخاصة، بل ينظرون أولا الى مصلحة الوطن ويتعلمون من طفل المغارة الإلهي التواضع والتجرد وبذل الذات، من أجل بناء حضارة السلام والمحبة، حينئذ يتحقق فينا وفي العالم أجمع نشيد الملائكة: "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة".