بيروت ست الدنيا ليست كغيرها من المدن، لا لأنها العاصمة بل لأنها الحاضنة لكل الأطياف الاجتماعية، متميزة بتنوعها المذهبي والطائفي، فبكنيستها ومسجدها تمثل الوحدة والتضامن بين أبناء الشعب اللبناني بكل تجلياتها.

بيروت في الميلاد، ميلاد السيد المسيح (ع)، تجمع وتلم الشمل بأبهى صورة تعانق فيها مئذنة الجامع جرس الكنيسة، فيختلط التكبير والترنيمة لتولد سمفونية عشق روحية تلطف النفوس وتغذي الأرواح.

إنها بيروت بسحرها، تخطف الدهشة وتصنع منه حلماً تجمع سحر الشرق والغرب، بيروت التي حملت بين ذراعيها آيات القرآن وتراتيل الإنجيل فآلفت بينهما ومزجت معانيهما فكان "لبنان" العيش المشترك، بيروت التي تجسد تلك الفتاة الجميلة التي حماها الله من مكر الشيطان فتبرعمت في روحها البراءة ونمت في أحشائها الحياة، بيوت بيروت حاربت الطائفية في أوقات ظلامية وولدت وترعرعت وكبرت من رحم جوهر كل الأديان وتحدت الزمان والمكان، فمن يزورها يسمع الإبداع في الظهيرة حيث تختلط أنغام آذان المسجد بأجراس الكنيسة، وأمام قدسية الآذان وروعة التراتيل تكتمل صورة بيروت، مع أبنائها الذين تعلموا من المسيح دين التسامح ومن محمد النبي الأميّ معنى السلام والإخاء.

فبالميلاد المجيد سنفتح أبواب الكنائس على أبواب الجوامع وسنحمي الكنيسة والمسجد في وجه الفكر الظلامي التكفيري، بأجسادنا وأرواحنا، فهذا العام كان مميزا بتلاقي العيدين زمنيا، الميلاد المجيد والمولد النبوي الشريف، فهذا الشرق مهد الأديان وملتقى الحضارات تلاقى فيه السيد المسيح(ع) مع النبي الأكرم محمد(ص)، فأضاف الى رونق الديانتين السماويتين، معانٍ إضافية لتحصين الوحدة والتلاقي والانفتاح على الآخر وتقبل خصوصيته، فالهدف الواحد، والله واحد للجميع.

أمّا ما يواجهه الاسلام هذه الأيام، فيعد الأخطر عل استمراريته، وهو الذي أنزل رحمة للعالمين وتحريرا للإنسان من العبودية بكافة أشكالها، بات التكفيريون وباسم هذا الدين الحنيف يغتالون الحرية، وباتت المسيحية والمسيحيون بدورهم في خطر، فتدمير الاسلام سيؤدي حتماً الى القضاء على المسيحية، فالعدو واحد وهو الفكر الالغائي لكل مختلف، وهذا الفكر الشيطاني بأصله يستهدف منذ الأزل وإن تعددت الأساليب وتنوعت الطرق، كل فكر يرتكز على الايمان بالله والابداع الانساني والتطور البشري وبالتالي هو يستهدف كل كينوني مصدره النور.