لاقى الحديث عن التسوية الرامية إلى إنهاء الشغور الرئاسي، وإمكان وصول النائب سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا، ارتياحاً لدى شريحة واسعة من الطرابلسيين، لأنه ابن زغرتا الجارة الأقرب للفيحاء، وتربطه مع مختلف عائلتها علاقات اجتماعية متجذرة، ورثها عند جده الرئيس الراحل سليمان، ووالده الشهيد طوني، كذلك كان لأهالي طرابلس تجربة جيدة جداً مع رئيس "المردة"؛ عندما تولّى وزارة الصحة مرات عدة، وقدّم الخدمات الطبية وسواها إلى الطرابلسيين، فاقت ما قدمه لأبناء مدينته، ولاريب أن تحقيق فرضية انتخابه رئيساً سيكون لها مردود إيجابي على الصعيدين الاقتصادي والمعيشي في جارته الأقرب، حسب ما ينقل مراقبون لـ"نبض الشارع الطرابلسي".

لكن بما أن التسوية المذكورة تتضمن تلازم بندين أساسيين هما: انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية، وتكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة، وضمان بقائه في السرايا لغاية انقضاء العهد المفترَض، هذا الأمر الذي قد يوجّه ضربة كبيرة لطموح الزعماء الطرابلسيين الساعين إلى تولي الرئاسة الثالثة، وفي طليعتهم الرئيس نجيب ميقاتي والنائب محمد الصفدي، إضافة إلى اعتراض وزير العدل أشرف ريفي على هذه التسوية.

قد لا يكون لدى كل من ميقاتي والصفدي أي تحفّظ على طرح اسم رئيس "المردة"، لكن بدون شك أنهما متضرارن من عودة رئيس "التيار الأزرق"، لأنها تُعدم فرصة وصولهما إلى السرايا الكبيرة، وما يؤشر إلى رفضهما التسوية، زيارة الثنائي الطرابلسي العماد ميشال عون في الرابية لتقديم واجب العزاء له بوفاة شقيقه، بعد انقضاء المهلة المحددة لقبول التعازي في صالونات إحدى الكنائس؛ في دلالة واضحة على رفضهما الضمني لتسوية تعيد الحريري طوال العهد الرئاسي المقبل، أياً يكن سيد قصر بعبدا، برأي مصادر حزبية طرابلسية.

من ناحية أخرى، وفي ضوء التطورات الإقليمية الأخيرة، لاسيما التقدُّم الذي يُحرزه الجيش السوري في الميدان، وغرق السعودية في الرمال اليمنية المتحركة، وتحرير الجيش العراقي مدينة الرمادي، يعمل فريق الثامن من آذار على إعادة رصّ صفوفه في عاصمة الشمال، تحضيراً لمواكبة أي تسوية مرتقبة لإنهاء الصراع في المنطقة.

وفي هذا السياق، سيطلق الوزير السابق فيصل كرامي عملاً سياسياً جديداً، بالتعاون مع مختلف مكوّنات الثامن آذار في غضون أسبوعين، لمواكبة المستجدات في المنطقة، بحسب مصادر في الفريق المذكور، لا تستبعد إمكان التقارب بين الثنائي المذكور آنفاً وبين كرامي، لأن هذا التقارب المفترض يشكّل تقاطعاً ببن هؤلاء الأفرقاء لمواجهة الحريري.

وما يعزز فرضية إمكان تشكيل حلف بين ميقاتي - الصفدي وفريق الثامن من آذار، العلاقة المستجدّة والجيدة بين ميقاتي والسفارة الإيرانية في بيروت، وإن غدا لناظره قريب، تختم المصادر بالقول.