شكّل إعدام السلطات السعودية، ​الشيخ نمر النمر​، قلقاً على طول خط التوتر «السنّي - الشيعي» الذي يُعتبر لبنان أحد أخطر ساحات تجسيده.

فيما وضع الأمنيّون أيديهم على قلوبهم على خلفية الإعدام، وأوعزوا الى الأجهزة بتفتيح عيونها، جاء خطاب الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله عالي النبرة تجاه المملكة العربية السعودية، إلّا أنّ خلاصته المطمئنة دعوة الى نبذ الفتنة المذهبية وعدم الإنجرار اليها.

ولأنّ الصراع مع العدوّ الإسرائيلي أقصر الطرق لدهس الفتنة المذهبية السنّية - الشيعية، جاء الردّ على إغتيال سمير القنطار بأهداف مزدوجة تحقّق من خلالها تسديد دفعة على حساب الثأر للقنطار، وحرف الصورة نحو مشهد مختلف من الصراع وتحت مظلّة القرار الدَولي 1701 المطابق للمواصفات الدَولية والمحلية حتى الساعة.

وعلى رغم المظلّة الدَولية والقرار المحلّي للاعبين الأساسيين بتحييد لبنان قدر الإمكان، إلّا أنّ التسوية الباريسية التي أطلقها الرئيس سعد الحريري نالت مزيداً من الرصاص الحيّ لتزداد الثقوب فيها، وليدخلها مرحلة ما قبل «الموت السريري».

ولأنّ قاعدة «الفراغ باقٍ ويتمدّد» باتت الأكثر ترسيخاً لدى الساسة على رغم تحديد الرئيس نبيه برّي موعداً لجلسة لإنتخاب رئيس للجمهورية لن يكون نصيبها افضل من سابقاتها ومصيرها التأجيل المحتوم.

إلّا أنّ الأهم من موعد الجلسة الذي حدّده الرئيس برّي للعموم، ما سعى إليه في الخصوص وعند آل البيت السياسي الواحد، حيث كشفت مصادر خاصة أنّ الرئيس برّي طلب من قيادة حزب الله -التي سلفها موقفاً بيناً من الإستحقاق الرئاسي الى جانب «حليف الحليف»- تفعيل عمل الحكومة مطلع الإسبوع المقبل بعدما إقترب «وحش الإنهيار الإقتصادي» من الإنقضاض على ما تبقى من مقوّمات الدولة.

وطلب تفعيل العمل الحكومي لا يمكن إلّا أن يجد فيه «حزب الله» حقاً دنيوياً ودينياً لإرتباطه بمصالح الناس ومعيشتهم التي بدأت تضيق أكثر وأكثر.

وعليه نقل مسؤول رفيع في «حزب الله» الى رئيس «التيار الوطني الحرّ» وزير الخارحية والمغتربين جبران باسيل طلباً خلاصته «ملتزمون معكم في الرئاسة الى آخر الحدود، إلّا أنّ تفعيل عمل الحكومة أمر عليكم مساندتنا به». وهنا أعاد باسيل تأكيد الطلب القديم - الجديد وعنوانه التعيينات العسكرية وتحديداً قائد الجيش والمجلس العسكري.

لكنّ الحليف وحليف الحليف يعلمان جيداً أنّ هذا الطلب دونه المستحيل، وأنّ الظروف التي منعت تحقيق التعيينات العسكرية سابقاً لا تزال سارية المفعول، بل إنّ الحاجة الى قائد الجيش العماد جان قهوجي باتت أكثر من ذي قبل في ظلّ تسعير الخطاب المذهبي في المنطقة، فضلاً عن الخطر عند الحدّين الشرقي مع التكفيريين والجنوبي مع الإسرائيليين.

ولأنّ جعبة «الاستاذ» لا تخلو من «الأرانب»، يبدو أنّ الرئيس بري وحليفه «حزب الله» وجدا ضالّتهما في تفعيل العمل الحكومي عبر حلّ قد يرضي العماد ميشال عون عبر إستكمال تعيين المجلس العسكري المبتور بأعضائه الشيعي، الأرثوذوكسي، والكاثوليكي من دون المساس بالعضوين الدرزي والسنّي المُمدّد لهما، فضلاً عن العماد قهوجي الباقي في «اليرزة» أقلّه لدخول الرئيس العتيد «قصر بعبدا».

اما آلية عمل الحكومة، فشخصية رئيسها تمام سلام وحسن أدائه المرضي عنه من كلّ الافرقاء وبتعهّد ضمني بعدم إتخاذ القرارات الاساسية والمراسيم الرئاسية من دون موافقة «المكوّنات الرئيسة» كافة، فستكون كفيلة بتذليل العقبة الثانية في طريق تفعيل العمل الحكومي.

وعليه يبدو أنّ لبنان خارج الإشتباك السعودي - الإيراني المباشر إلّا أنّ تسوية باريس قد تلقت إصابات مباشرة أدخلتها في «موت سريري»، فيما ستذهب الحكومة الى «خير العمل» بتسوية تقتضي إستكمال تعيينات المجلس العسكري من دون المسّ بالمُمدّد لهم، فيما الإتفاق على آلية العمل الحكومي سيكون ضمنياً مراعياً لمطلب الرابية من دون أن يتمّ الإعلان الرسمي عن ذلك.