تتفاقم أزمة اللاجئين السوريين يوماً بعد يوم بسبب تزايد أعدادهم في لبنان مقابل ضعف التقديمات من قبل المنظمات الدولية التي كانت تدعمهم مع بداية الأزمة بمساعدات ضخمة خفّت وتيرتها حاليًّا، ما يرتب على الإقتصاد اللبناني أعباءً إضافية لم يعد بمقدوره أن يتحمّلها.

إستقبل لبنان منذ بداية الأزمة السورية وبحسب الأرقام المسجّلة لدى وزارة الشؤون الإجتماعية مليون ونصف مليون شخص ما بين نازح وزائر سوري، مليون وتسعة وستون ألفاً منهم يعتبرون كنازحين مسجّلين وموثّقين لدى ​مفوضية اللاجئين​ للأمم المتحدة. وبحسب مستشارة وزير الشؤون الاجتماعية لحقوق الإنسان ​هلا حلو​، فإنه "لم يعد بالإمكان تحديد بقع معيّنة لتواجد السوريين في لبنان، فهم باتوا منتشرين على كامل الأراضي اللبنانية". حديث حلو تؤكده المستشارة الإعلامية لمفوضية اللاجئين ​دانا سليمان​، لافتة في الوقت نفسه الى أن "المناطق اللبنانية الشمالية تشهد التجمع الأكبر لهم، تليها المناطق البقاعية".

وعن المساعدات التي تقدمها المفوضية للنازحين السوريين، تشرح سليمان أن "الوضع يختلف ما بين الرعاية الصحية الأولية والرعاية الصحيّة الثانوية أي الإستشفاء الذي يطال الأشخاص ذوي الإحتياجات الطارئة فقط، والتي كانت مع بداية الأزمة تصل الى 85% بينما إنخفضت الى 75% لأن الميزانية باتت محدودة، وهنا على اللاجئ تغطية الفرق". وتضيف: "في ما يتعلّق ببرنامج الغذاء العالمي قدّمنا مع بداية الأزمة مساعدات بقيمة ثلاثين دولاراً للفرد إنخفضت مع بداية العام الماضي الى حوالي ثلاثة عشر دولاراً في ظلّ شحّ التمويل لتعود وترتفع الى واحد وعشرين دولاراً في الوقت الحالي".

في هذا السياق، ترى حلو أنّ قدرات الدولة محدودة، وتقول: "هناك نقص في التمويل، حيث دفعنا خلال خمس سنوات قرابة ثلاثة عشر مليون دولاراً فيما بعض الجمعيات الأهلية دفعت مبالغ اعلى بكثير"، وتضيف: "نحن كوزارة نعمل على إدارة ملف النازحين ولدينا دور تنسيقي بين مختلف الوزارات لإيصال المساعدات اللازمة اليهم". ولكن المشكلة التي شكّلت عبئًا على لبنان تكمن بحسب حلو "في الأعداد الهائلة التي وفدت الينا، فإقتصادنا كان يعاني وزادت معاناته"، مع الاشارة الى ان الخسائر وصلت منذ سنة 2011 الى حوالي خمسة عشر مليار دولار. وتلفت إلى أنّ "النمو الاقتصادي كان مع بداية الأزمة حوالي 10 بالمئة، أما اليوم فقد وصل الى الصفر بالمئة"، مشددة على أن "بعض الشركات ستقفل بطبيعة الحال عند الضعف الاقتصادي، وبالتالي ستزداد البطالة فيما المساعدات التي يتلقاها النازحون تتدنّى".

تراجعت كمية المساعدات التي يتلقاها ​اللاجئون السوريون​ عما كانت عليه منذ اربع سنوات، وستتراجع أكثر حسب تقديرات الخبراء، ما يعني ان انفجارا سيحدث قريبا في ملفهم ليزيد الامور في لبنان سوءا. وبظل هذا الواقع الأسود ومع استمرار الحرب السوريّة وعدم وجود أي آفاق للحلول لعودة السوريين الفورية الى بلدهم، لا تزال الحكومة اللبنانية غائبة عن الوعي بدل اجتراح الحلول للمعالجة، وتبقى الدول الكبرى التّي ساهمت بتأجيج الصراعات واستعار الحرب السوريّة مقصّرة جدًّا بتحمل المسؤولية "المالية" لحين انجاز هدف "العودة".

تصوير يورغو رحال