لم يعد بإمكان الرئيس سعد الحريري وراعيه الإقليمي أخْذ الشارع السُّني إلى حيث يريدان، كذلك لم يعد بوسع الأول احتكار تمثيل هذا الشارع، فإذا كانت عودته وبقاؤه راهناً في البلد جاء بأمر سعودي لتأليب أهل السُّنة ضد المقاومة، فحتماً لم يكتب لمهتمه النجاح، حسب ما تؤكد مصادر سياسية في قوى الثامن من آذار. وتعتبر أنه في حال نجح زعيم "التيار الأزرق" في لملمة بيته الداخلي، يكون حقق "إنجازاً".

وأبرز ما يؤشر إلى نهاية زمن الاستئثار بالطائفة السُّنية، هو ولادة ائتلاف بين الثالوث الطرابلسي: الرئيس نجيب ميقاتي والنائب محمد الصفدي والوزير السابق فيصل كرامي، وبالتأكيد هذا المولود الجديد سيتصدى لأي مغامرة حريرية تأخذ البلاد إلى المجهول، خصوصاً بعد فشل المشروع السعودي في سورية واليمن، ودائما بحسب المصادر.

وفي السياق، ترجّح مصادر طرابلسية ألا يدخل التحالف المذكور في مواجهة مع "تيار المستقبل"، إلا إذا انتهج زعيمه سياسيةً تُسهم في تعميق الانقسام الداخلي، أو في حال حاول مصادرة القرار السُّني، لكن فات الأوان.

وتلفت المصادر إلى أن الأيام المقبلة ستُظهر ما إذا كانت الغاية الحقيقية لعودة الحريري هي مواجهة المقاومة في لبنان، بعد انتصاراتها الميدانية المتتالية في الجارة الأقرب، وتقهقر المشروع المعادي لها في المنطقة، وستتضح الأمور بعد انعقاد اجتماع مختلف القوى السُّنية الفاعلة منتصف الأسبوع المقبل في دار الفتوى، وبرعاية مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في محاولة لتقريب وجهات النظر بين هذه القوى، والخروج برؤى مشتركة للتعاطي مع التطورات الإقليمية، بما يحفظ وحدة أهل السُّنة في لبنان، واحترام حق الاختلاف فيما بينهم.

وتكشف المصادر أن هذا الاجتماع المرتقب تم الاتفاق على انعقاده نتيجة توافق مصري - سعودي وتقاطع بينهما، فالرياض تسعى إلى تعزيز حضورها في لبنان، استعداداً لأي تصعيد إقليمي، والقاهرة من جهتها تحاول أن تعود إلى تادية دورها الإقليمي عبر البوابة اللبنانية، بعد انقطاع دام خمسة أعوام.

وتؤكد أن في حال كان لدى الحريري حرص على وحدة الصف السُّني، فسيظهر ذلك من خلال محاولته إيجاد جوامع مشتركة مع باقي مكونات هذا الصف، تكفل الحفاظ على وحدته، وإذا كان عازماً على دفع الطائفة السُّنية إلى مواجهة مع المقاومة، أو محاولة مصادرة قرارها، فسيلقى رفضاً لهذا النهج من التحالف الطرابلسي وسواه، كالوزير السابق عبد الرحيم مراد، والنائب السابق أسامة سعد، الذين لديهم كل الحرص على العلاقات مع الدول العربية، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، وفي الوقت عينه عدم نصب العداء للشركاء في الوطن وللدول الصديقة، وفي طليعتها إيران.

وتأمل المصادر من الجهات اللبنانية التي تورّطت بالأزمة السورية أن تعيد حساباتها، وتعمل على الانخراط في تسوية مع فريق المقاومة في سبيل حماية لبنان، بعد فشل مراهنات هذه الجهات على تغيير الوضع الإقليمي وانعكاسه على الوضع الداخلي، وبالتالي إلى الكف عن بثّ الإشاعات عن احتمال وقوع حوادث أمنية في لبنان الشمالي وسواه، علّها بذلك تدفع فريق المقاومة إلى التفاوض تحت الضغط، بذريعة تدارُك هذه "الحوادث"، ومحاولة تمرير إجراء انتخابات رئاسية تحافظ الجهات المذكورة من خلالها على حضورها في السلطة أيضاً. وتختم المصادر بالقول: "لقد بات من المحتوم أن تجربة الرئيس ميشال سليمان لن تتكرر، فعبثاً تحاولون".