صعّدت السعودية حربها ضد حزب الله، فاعتبرته مسؤولاً عن المشاكل التي يمرّ بها العالم الإسلامي، وعن الأوضاع في اليمن والعراق وسورية ولبنان، وأنه يساهم في خرق سيادة هذه الدول، ويقوم بأعمال عدائية وتحريضية ضد السعودية في لبنان، وفي مناطق نفوذها، كما اعتبرت موقف وزير الخارجية اللبناني في رفضه إدانة حزب الله في بيان وزراء خارجية الجامعة العربية الأخير، جزءاً من هذه الحرب على المملكة، فأوقفت هبة الأربعة مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني، وطالبت الدولة بالاعتذار، وحزب الله كذلك، وهدّدت بطرد اللبنانيين على لسان سفيرها علي عواض العسيري، الذي تمنى ألا تصل الأمور إلى هذه المرحلة (الطرد)، وأن تتخذ الحكومة اللبنانية إجراءً يُرضي المملكة ويحل المشكلة.. وهنا نسأل: ماذا فعل حزب الله كي يُحمَّل أوزار المنطقة برمتها؟

احتلت "إسرائيل" لبنان في العام 1982 ولم تكن الدولة قادرة على صد الاحتلال، ولم تحرّك الأنظمة العربية ساكناً كعادتها للدفاع عن لبنان، فيما إيران سارعت إلى دعم المقاومين، فأرسلت الحرس الثوري إلى البقاع لتدريبهم وتسليحهم، ثم تشكّلت المقاومة الإسلامية التي أخرجت "إسرائيل" من لبنان في العام 2000.

أقدمت "إسرائيل" على عدوان تموز عام 2006 بحجة خطف حزب الله للجنديين وأسرهما، والجميع يعرف أن "إسرائيل" لا تحتاج إلى مبرر لحربها، وأن هذا العدوان كان مقرراً في شهر أيلول، للقضاء على حزب الله.

حمّلت السعودية المقاومة المسؤولية، واعتبرت خطف الجنديين "مغامرة غير محسوبة"، وطلب العرب حينها من "إسرائيل" الاستمرار في هذا العدوان حتى القضاء على حزب الله، والذي قالت عنه وزيرة الخارجية الأميركية وقتها كونداليزا رايس إنه "من رحم هذه الحرب سيولد الشرق الأوسط الجديد"، ولمّا فشلت "إسرائيل" في عدوانها وأرادت وقفه، حاولت أدواتها في لبنان، وممن كانوا في السلطة، الضغط على حزب الله للانسحاب من الجنوب وتسليم أسلحته للجيش، بذريعة أنه شرط "إسرائيلي"، وأنها لن توقف العدوان قبل قبوله، وهو شرط ابتدعه "تيار المستقبل" ولم يكن ضمن الشروط "الإسرائيلية".

حمّلت السعودية وفريقها السياسي في لبنان حزب الله دم الرئيس رفيق الحريري، واستخدمته لإثارة الفتنة المذهبية فيه، لزجّه في اتون هذه الفتنة، ولحرفه عن الصراع الأساس ضد "إسرائيل".

دعمت السعودية المجموعات التكفيرية في الشمال اللبناني، وتبنى "تيار المستقبل" ظاهرة الأسير، والتي كادت أن تاخذ لبنان إلى فتنة سُنية - شيعية.

أعلنت أن الحرب في سورية هي لـ"الدفاع عن السُّنة ومواجهة المد الشيعي والعلوي"، وأنها لمساعدة السوريين في حريتهم ونيل حقوقهم، ودعمت التكفيريين فيها كـ"جيش الإسلام.."، وكذلك الأمر في حرب اليمن، وهي التي لم تتحمل التحرك السلمي للشيخ نمر النمر، الذي طالب بإعطاء الحقوق، فأعدمته، ولم تتحمل انتفاضة أهل اليمن على سلطة هادي الموالية لها، فقامت بتدمير اليمن وقتل شعبه الآمن.

لماذا هذه الأعمال العدوانية التي تقوم بها السعودية ضد شعوب العالم الإسلامي؟ وكيف تقبل أن تتصالح مع "إسرائيل" وترفض أن تتعاون مع إيران، التي تمدّ لها يدها من أجل استقرار المنطقة؟

قدّمت إيران هدية رمزية لعوائل شهداء القدس، كمساهمة منها في دعم انتفاضتهم (7 آلاف دولار لعائلة الشهيد، و30 ألف دولار للبيت المهدَّم، مع رعاية عوائل الشهداء من خلال مؤسسة الشهيد).. فما الذي قدّمته السعودية للقضية الفلسطينية؟

نقول للسعودية وحلفائها: اتقوا الله في شؤون العباد، وتوقفوا عن إثارة الفتنة التي ستأكل صانعيها، والتي لن تجدي نفعاً في تعطيل مشروع المقاومة ضد "إسرائيل" والمشروع الأميركي لتفتيت المنطقة والاستيلاء على ثرواتها، والتي أثبتت حضورها، وكانت لها حكايات طويلة مع الانتصارات.. أما أنتم فحكاياتكم كثيرة مع الهزيمة والخضوع لأميركا و"إسرائيل".. فاعتبروا أيها الزعماء.