وسط تعقيدات المشهد الاقليمي في المنطقة والانفراجات المحدودة في ملف النفايات دون الرئاسة لبنانيا، يفتح الاسبوع الجاري فلسطينيا على تطورين بارزين سياسيا وامنيا، الاول ردم الهوة وتقليص "مسافة الخلاف" بين "​حركة فتح​" و"تجمع الشباب المسلم" بعد "لقاء مودة" جمعهما في عين الحلوة وان لم يرقَ الى "المصالحة"، والثاني نيّة القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية تصعيد تحركاتها الاحتجاجية ضد قرارات وكالة "الاونروا" تقليص خدماتها وآخرها الصحية والذي ترجم بدعوة صريحة من "خلية الازمة" للمدير العام في لبنان ماثياس شمالي الى الرحيل وترك منصبه بعد فشل سياسته في الادارة.

مبادرة حسن نية

لقاء "فتح" وتجمع "الشباب المسلم"، يعتبر خطوة هامة على اعتباره الاول بينهما منذ الاشتباكات الاخيرة التي شهدها عين الحلوة والتي أدّت الى سقوط عدد من القتلى والجرحى، اضافة الى اضرار مادية جسيمة، وهو يأتي وفق اوساط فلسطينية بارزة لـ"النشرة"، تتويجا لسلسلة من اللقاءات المتلاحقة التي عقدتها لجان الاحياء والقواطع فيما بينها، ومع حركة "فتح" وتجمع "الشباب المسلم" و"القوى الاسلامية" كلا على حدى على مدى الاسابيع الماضية، بهدف التوصل الى عناوين مشتركة تبعد شبح التوتير الامني عن المخيم وتساهم في طمأنة ابنائه بعد سلسلة من الاحداث الامنية المتنقلة التي اثارت قلقهم ومخاوفهم من عودة الاشكالات والاطاحة بالهدوء "الهش"، وهو خطوة في الاتجاه الصحيح ويقفل الباب امام "الطابور الخامس" والمصطادين بالماء العكر ولكنه لم يصل الى خاتمة تطوي صفحة الخلافات بالمطلق.

ولاحظت هذه الاوساط، ان اللقاء الذي عقد في "قاعة الأسدي" في "حي المنشية" تلبية لدعوة من لجنتي "المنشية" و"عرب زبيد"، جاء غير مكتمل لجهة حضور قادة الكتائب العسكريين في حركة "فتح"، وتحديدا قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا العميد ابو اشرف العرموشي كما كان متوقعا، اذ اقتصر الحضور "فتحاويا" على قائد الامن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي ابو عرب، قائد القوة الامنية المشتركة في لبنان اللواء ​منير المقدح​، قائد القوة الامنية المشتركة في منطقة صيدا العميد ​خالد الشايب​، بينما اقتصر اسلاميا على ممثلي تجمع "الشباب المسلم" الشيخ ​جمال حمد​ و​محمد عارفي​، دون ناشطين اخرين أمثال "​هيثم الشعبي​، الشيخ اسامة الشهابي، وهما على تماس مباشر مع مكاتب "فتح"، فيما كان اللافت مشاركة امير الحركة الاسلامية المجاهدة الشيخ ​جمال خطاب​، ممثل "عصبة الانصار الاسلامية" الشيخ ابو شريف عقل، الى جانب ممثلين عن لجان الاحياء والقواطع في المخيم.

ورأت الاوساط ذاتها، ان مصلحة الطرفين فرضت الدخول في مثل هذه "الهدنة"، بعد معلومات وشائعات متبادلة كادت تعيد المخيم الى المربّع الاول، فحركة "فتح" استجابت لمبادرة حسن نية، تريد ان تؤكد من خلالها ان ليس لديها مشروع للسيطرة على المخيم وتصفية المتشددين الاسلاميين، كما قيل عندما قامت بتعزيز بعض مواقعها العسكرية تدشيما وعديدا، و"الشباب المسلم" بانه تحت سقف الاجماع الفلسطيني في حفظ امن المخيمات والجوار وحماية العلاقات الثنائية وانه لن ينجر الى أجندة غير فلسطينية او يأوي هاربين الى المخيم كما جرى في نهر البارد قبل سنوات، غير ان الامتحان الفعلي يكمن في التزام كل مكوناته بعد حديث متزايد عن اختلاف فيما بينهم لهذه الخطوة بين تأييد وتحفظ.

رحيل شمالي

اما على صعيد التطور الثاني، فقد بدا واضحا ان المواجهة بين ادارة "الاونروا" والقوى السياسية الفلسطينية على خلفية تقليص خدماتها وآخرها الصحية باتت مفتوحة، بعدما دعت "خلية ازمة الاونروا"، المدير العام لوكالة الأونروا في لبنان ماثياس شمالي الى الرحيل، بسبب إصراره وتمسكه بتنفيذ قراراته وإجراءاته، متهمة اياه بـ "الفشل في ايصال الخدمات الانسانية والاجتماعية والتربوية الى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان".

وابلغت مصادر فلسطينية "النشرة"، ان قرار "خليّة الازمة" جاء بعد اقل من اربع وعشرين ساعة على اللقاء الذي عقد في مقر مفوضية الأمم المتحدة في اليرزة، بين القيادة السياسية الفلسطينية وسفير دولة فلسطين في لبنان اشرف دبور والمدير شمالي، برعاية المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء ​عباس ابراهيم​ والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان ​سيغريد كاغ​، والذي اظهر شمالي خلاله إصراره وتمسكه بتنفيذ قراراته وإجراءاته التي طالت كافة الاحتياجات الإنسانية للفلسطينيين حيث انتهى دون نتائج، فيما الايجابية الوحيدة هو تأكيد الموقف اللبناني عبر اللواء ابراهيم الداعم للمطالب الفلسطينية المحقة والعادلة، واستماع "كاغ" بإهتمام كبير اليها، حيث وعدت بنقلها شخصيا الى الامين العام ​بان كي مون​، خلال لقاء ستعقده معه في الامم المتحدة خلال الاسبوع المقبل بعد سفرها في غضون ايام، مع وعد ببذل مساع لعقد لقاء فلسطيني معه خلال زيارته لبنان.

ورجحت مصادر فلسطينية لـ "النشرة"، ان يبلغ التصعيد الفلسطيني ذروته في هذه الايام الفاصلة الى حين وصول كي مون الى لبنان في 24 اذار الجاري، للقاء المسؤولين اللبنانيين وتفقد أحد مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، حيث تأتي زيارته في اطار جولة يقوم بها على عدد من دول المنطقة لاسيما تلك التي تستضيف نازحين سوريين، وذلك بهدف لفت انظاره، كي يخصص جانبا من اهتمامه بقضايا اللاجئين الفلسطينيين على ضوء تراجع "الاونروا" بخدماتها.

في المحصّلة، بين الهدوء النسبي داخل المخيّمات، والذي تعمل الفصائل على تكريسه من خلال بعض اللقاءات هنا وهناك، وبين التحركات الاحتجاجية التي يرجَّح أن تستمرّ في وجه "​الأنروا​"، خصوصًا مع إعلان "خلية الأزمة" أنّها بصدد التحضير لسلسلة خطوات تصعيدية، تبقى ​المخيمات الفلسطينية​ مفتوحة على سيناريوهات مختلفة، وتبقى الأنظار مشدودة نحوها خلال الساعات المقبلة...