أيّام قليلة كانت كافية لتهزّ تل أبيب بمفاجأتين من العيار الثّقيل. فبين "صدمة" قرار القيصر الرّوسي سحب قوّاته من سورية و"مفاجأة"إطلالة أمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله الأخيرة لما حملته من تهديدات ل"إسرائيل" تجاوزت الخطوط الحمر لأيّ حرب قادمة بين الطّرفين، فرض الإرباك نفسه على دوائر تلّ ابيب الأمنيّة والإستخباريّة التي رسمت أكثر من علامة استفهام حيال "توقيت" إطلالة نصرالله-والتي أعقبت مباشرة معلومات تلقّفتها قيادة حزب الله تشير الى اتفاق سعودي-اسرائيلي على تمرير ضربات ضدّ الحزب باتت وشيكة-وفق اشارة مصادر امنيّة لبنانيّة-. وسائل الإعلام العبريّة التي تابعت باهتمام تهديدات نصرالله التي صوّبت على اهداف استراتيجية حسّاسة في الكيان العبريّ واعتبارها "قفزة كبيرة"، إستوقفت الخبراء والمحلّلين العسكريين، فاعتبر المحلّل العسكري في موقع "ديبكا" انّ "قنبلة" نصرالله ارست للمرّة الأولى معادلة هي الأخطر في تاريخ الصراع بين "اسرائيل" وحزب الله، فيما ذهب آلون بن ديفيد-ألمحلّل في القناة العاشرة العبريّة- الى تأكيد انّ ترسانة الحزب الصاروخية لم تعد تقتصر حصرا على الصواريخ الايرانية المتطوّرة، سائلا" هل استند نصرُالله في رفع منسوب تهديداته على صواريخ كاسرة للتوازن حصل عليها مؤخرا من روسيا في وقت تجهد الدوائر الاستخباريّة في تل ابيب للتأكد من تسلّم حزب الله بالفعل منظومة "أس اي 22" الصّاروخية؟"

رغم قلّة تصريحات المسؤولين الرّوس حيال حزب الله، الا انّ حضور الحزب القوي في المعادلة الإقليميّة والدّولية، كما مشاركته الميدانيّة الفاعلة الى جانب الجيش السوري التي سبقت الإنخراط العسكري الرّوسي في المشهد الميداني السوري، فرضا بلا شك تنسيقا روسيا لا تُعرف حدوده مع حزب الله بوصفه جزءا لا يُستهان به من هذا المشهد وحيث يسير مقاتلوه الى جانب القوّات السورية تحت غطاء المقاتلات الرّوسية.. وفق ليونيد سيوكانين-عضو مجلس الخبراء لدى وزارة الدّاخليّة الروسيّة- فإنّ البصمات الميدايّة "الهامّة" لهؤلاء المقاتلين الى جانب الجيش السوري في مقارعة اللإرهابيّين، والتي ساهمت بقوّة في انجاح المهمّة الرّوسية على الأرض السورية، حتّمت بالضرورة تعاونا وتنسيقا في مجالات "أمنيّة" عدّة مع قادة حزب الله في سورية، ناقلا عن مقرّبين من الرئيس فلاديمير بوتين، إعجابه بشخصيّة زعيم الحزب السيّد حسن نصرالله، مُستذكرا الدّور الذي لعبه في إنقاذ الطيّار الرّوسي- الذي أُسقطت طائرته "سو 24 " من قِبل مقاتلة تركيّة في 24 تشرين الثاني من العام المنصرم- بمعيّة الطيّار الآخر الذي تمّت تصفيته على ايدي مسلّحين تابعين لتركيا، من دون إغفال إصرار الرئيس السوري وأوامره بضرورة تأمين سلامة الطيّار مهما كلّف الأمر.

يسترجع سيوكانين واقعة إنقاذ ذاك الطيّار بعد تواتر المعلومات "المُقلقة" الى موسكو، التي أفادت حينها عن مقتل الطيّار المُرافق، وحجم الصور "المسُتفزّة" التي تقصّدت أنقرة إظهارها للرأي العام الدولي لكسر "هيبة" المقاتلات الرّوسية وطيّاريها، والتي استنفرت غضب القيصر الى أقصى الحدود. ويصوّب على دور هام بادر حزب الله الى القيام به لإنقاذ الطيّار بمعيّة فرقة سوريّة خاصة تحت غطاء مروحيّات هجوميّة روسيّة، لتنتهي العمليّة بنجاح أنعشت قلب بوتين، لافتا الى معلومات أشارت الى سلاح روسيّ "نوعي" تسلّمه الحزب في تلك الفترة دون تحديدها او تأكيدها.

وفي وقت لفتت صحيفة "يديعوت احرونوت" الى انّ الأسلحة النّوعية الرّوسيّة باتت تصل الى حزب الله دون أيّة شروط، متقاطعة مع تقرير لصحيفة "وول سترت جورنال" الأميركيّة كشفت فيه انّ صواريخ ياخونت برّ- بحر قد تكون أصبحت في عُهدته كما صواريخ "كورنيت أس" الرّوسيّة المتطوّرة، لفت المعلّق العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليكس فيشمان، الى اتصالات "منتظمة" بين مسؤولين أمنيين روس وقادة ميدانيّين في حزب الله حيال سير العمليّات العسكرية في سورية-حتى بعد إعلان القرارالرّوسي- مذكّرا بلقاء وصفه ب "الإستثنائي" جمع الدّبلوماسيّ الروسيّ الكسندر بوغدانوف، و"أمين عام حزب الله السيّد" حسن نصرالله قبيل بدء العمليّات العسكريّة الرّوسية في سورية. وتوقّف فيشمان امام تصريح عضو المجلس الإستشاري في وزارة الدّفاع الروسية" ايغور كوروتشينكو" في بداية التدخّل العسكري الرّوسي، الذي لم يخل من الإشادة بدور حزب الله في سورية،ألمؤازر لعمليات الجيش السوري ضدّ الجماعات الإرهابية، والذي اعتبر فيه انّ مقاتليه يتحلّون بلياقة قتالية عالية ومسلّحون بشكل جيّد، اضافة الى العقيدة التي يتّسمون بها، ليخلص الى"انّ هذا الحزب حليف طبيعي للجيش السوري الذي ندعمه نحن في سورية".. وينقل فيشمان عن المستشار الإسرائيلي للشؤون الأمنيّة جاغوب ناغل قوله" صحيح انّ علاقاتنا مستقرّة مع روسيا، الا انّ رئيسها -رجُل الإستخبارات المحنّك- هو حليف قوي لأعدائنا، سائلا" هل كسبت اسرائيل من بوتين أكثر مما كسبته طهران ودمشق وحزب الله؟"

نسف بوتين الخطوط الحمر التركية التي ثبّتتها أنقرة في سورية منذ بداية الحرب، وزنّرت كلّ معابرها في الشمال بالنّار، ونسف نصرُالله الخطوط الحمر الإسرائيليّة واضعا "اسرائيل" أمام معادلة قد تكون الأخطر في خضمّ حربها ضدّ حزب الله.. وما بينهما ضغط سعودي على تلّ أبيب لشنّ عدوان ضدّ عدوّهما المشترك في أقرب وقت ممكن، سيّما انّ 3 مليارات دولار أمّنتها الرّياض لحليفتها كتغطية لنفقات الحرب الموعودة- حسبما ألمحت مصادر صحافيّة عبريّة- في وقت تتحضّر واشنطن لانهيار "لم يعُد بعيدا" للنظام السعودي– بعدما باتت دعائم هذا الانهيار حاضرة بقوة- ، من دون استبعاد ان يُمهّد اليه بضربات" قاسية" قد تطال مؤسّسات هامة في الرياض- وفق اشارة الباحث في شؤون الشرق الأوسط" أليكس دي وول"-