مع تراجع الحركة السياسية في البلد ورضوخ معظم الفرقاء واقتناعهم بعجزهم عن ‏احداث اي خروقات تُذكر في جدار الأزمة المتمادية على الصعد كافة بانتظار ‏وصول قطار الحل السوري البطيء الينا، تتقدم المخاوف الأمنية على ما عداها في ‏صدارة المشهد اللبناني خاصة وقبيل أسابيع على الموعد المقرر لاجراء الانتخابات ‏البلدية والتي لا يزال قسم كبير من اللبنانيين متأكدًا من أنّها لن تحصل وهم ‏ينتظرون الاسباب الموجبة التي ستخرج بها قياداتهم ولا يستبعدون أبدا ان تكون ذات ‏طابع أمني.‏

وتتجه الأنظار الى 3 بوابات قد يتسلّل الراغبون بالعبث بالاستقرار الداخلي الهش ‏من خلالها، بوابة عين الحلوة، بوابة طرابلس وبوابة الحدود الشرقية. وقد شهدت هذه ‏البوابات وبشكل متزامن حركة غير اعتيادية في الأيام القليلة الماضية، اذ انّه ومع ‏توتر الأوضاع في "عين الحلوة"، تحرّك الاسلاميون في طرابلس وسخنت جبهة ‏عرسال مع وصول العشرات من عناصر "داعش" الهاربين من قرى ريف حمص ‏اليها.‏

ولا تبدو مصادر مطلعة مطمئنّة للأحوال داخل أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في ‏لبنان، "خاصة وبعد دخول أعداد غير قليلة من عناصر سوريّة متطرفة اليه في ‏الآونة الأخيرة". وتنبّه المصادر من "أيادٍ خفيّة تسعى لانفجار أمني داخله في مرحلة ‏أولى على أن يمتدّ بمراحل لاحقة الى مدينة صيدا"، معتبرة ان "قرار الفصائل عدم ‏الانجرار لمخطط مماثل أساسي ومطلوب لكنّه غير كافٍ طالما عشرات العناصر ‏المتطرفة تتحرك بحريّة داخل عين الحلوة دون حسيب أو رقيب".‏

وقد تصاعدت في الآونة الأخيرة النقاشات بين الفصائل حول جدوى استمرار الوضع ‏على ما هو عليه في ظل دفع بعض القيادات الفلسطينية لحسم ملف المتطرفين ‏عسكريًّا، خصوصًا أنّهم يتواجدون في منطقة محدّدة والقدرة على مواجهتهم متاحة ‏طالما كبرى الفصائل تلفظهم. الا أنّه وحتى الساعة لم يُتّخذ أي قرار في هذا الشأن ‏لا سيّما وان الاهتمامات تتركز حاليا على استعادة حد أدنى من الأمن الذي فُقد ‏مؤخرا بعد تصاعد الاشتباكات بين حركة "فتح" و"تجمع الشباب المسلم" الذي يضمّ ‏معظم الفصائل المتطرفة في المخيم، مع احتمال انفجار الأوضاع مجددا بين ‏الطرفين الوارد في أي لحظة.‏

ولم تكن ​مدينة طرابلس​ بعيدة كثيرا عن الحراك الأمني داخل عين الحلوة، اذ طرحت ‏الحركة المفاجئة لاسلاميي المدينة يوم الجمعة الماضي أكثر من علامة استفهام في ‏ظل ورود معلومات عن عودة عمليات التسليح اليها على وقع الخلافات السياسية ‏المُحتدمة بين السعودية و"حزب الله" من جهة وتيار "المستقبل" ووزير العدل المستقيل ‏​أشرف ريفي​ من جهة أخرى. ولا تستبعد المصادر أن تشهد طرابلس جولات أمنية ‏محدودة في المرحلة المقبلة كتعبير عن الاحتقان المتواصل الذي تعيشه المدينة منذ ‏فترة.‏

ولعل بوابة الحدود الشرقية تبقى الأخطر مع ارتفاع أعداد المسلحين من عناصر ‏‏"داعش" الذين هربوا من تدمر والقريتين الى الحدود مع لبنان حيث يجدون ملاذا آمنا ‏لهم في جرود رأس بعلبك وعرسال طالما لا طيران يقصفهم ولا قرار سياسي لبناني ‏بمواجهتهم. وتبقى العمليات التي ينفذها "حزب الله" مستهدفا مواقع وقيادات "داعش" ‏في رأس بعلبك هي الوحيدة التي تخرق هدوء الجبهة، وترجّح المصادر أن تتصاعد ‏هذه العمليات في المرحلة المقبلة على ان لا تلحظ بلدة عرسال وجرودها نظرا ‏لحساسيتها المذهبية، لافتةً الى ان المنطقة ليست أولويّة حالية للحزب المنهمك على ‏جبهات أخرى داخل سوريا.‏

بالمحصلة، قد تكون الزيارات المتواصلة لمسؤولين غربيين ودوليين الى لبنان مرتبطة ‏بشكل أو بآخر بالمشهد الأمني المتقلّب في البلاد، ولعل الرسالة الأبرز التي حملوها ‏للقيادات اللبنانية مفادها:"لا تناموا على حرير الاستقرار الهش".‏