يحضر ملف المديرية العامة لأمن الدولة على طاولة مجلس الوزراء اليوم من دون أي أمل لدى ‏الوزراء المتحمسين لإثارته، أي وزراء "الكتائب" ووزير السياحة ​ميشال فرعون​، بالتوصل لأي حلّ ‏سريع وحازم ينقذ الجهاز الأمني من الحصار المالي الذي يتعرّض له نتيجة الخلاف الدائر بين ‏المدير العام اللواء جورج قرعة ونائبه العميد ​محمد الطفيلي​. ‏

شعور التشاؤم هذا لدى الوزراء الداعين الى حل هذه الأزمة، لم يولد من لا شيء بل من ‏المعلومات التي وردتهم عبر القنوات والمقربين، ومفادها أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يريد ‏أي حل يكسر نائب المدير العميد الطفيلي المحسوب عليه، خصوصاً أنه لم يبق للأخير في ‏الخدمة إلا شهر ونصف فقط ليحال بعدها الى التقاعد، لذلك يفضل بري إما تأجيل الحل الى ما ‏بعد تقاعد الطفيلي، وهكذا يخرج الأخير من السلك من دون أي خسارة أو هزيمة، وإما إجراء ‏تغيير على صعيد القيادة وتحديداً بموقع المدير العام، من خلال تعيين بديل عن اللواء قرعة ‏وترك الطفيلي في منصبه على إعتبار أن سنوات خدمته باتت شبه منتهية. إقتراح بري الأخير ‏الذي يستهدف اللواء قرعة حصراً، مرفوض لدى الوزراء المسيحيين المتابعين لهذا الملف، لا بل ‏غير مطروح راهناً بالنسبة اليهم، إنطلاقاً من قاعدة أن أي حلّ يجب أن يساوي بين قرعة ‏والطفيلي لأن القضية ليست شخصية. ‏

على رغم هذا التشاؤم الناتج عن مقاربة بري في التعاطي مع الملف، سيستمر الوزراء المتحمسون ‏لحل هذه الأزمة بضغطهم السياسي المطالب بالحل، لأن هدفهم الأساس في نهاية المطاف ليس ‏حل الخلاف الشخصي القائم بين الرجلين، ولا الدفاع عن شخص اللواء قرعة، بل هو إيجاد حل ‏نهائي لأزمة الصلاحيات بين المدير العام ونائبه، إذ أن ما من جهاز أمني في العالم يمكن أن ‏يعمل بقيادة مؤلفة من مدير ونائبه فقط، وبآلية تقول إن القرارات المهمة التي تتخذها قيادة هذا ‏الجهاز تحتاج الى توقيع المدير ونائبه، وإلا تُشل المديرية وتحجب عنها الأموال اللازمة من ‏مجلس الوزراء، ويمنع مديرها العام من حضور الإجتماعات الأمنية بسبب تعمّد عدم توجيه الدعوة ‏اليه مسايرة لنائبه، هذا بالإضافة الى توقف صدور التعيينات داخل المديرية.‏

إذاً المشكلة مشكلة صلاحيات، يقول المتابعون، وهي تنظيمية بإمتياز إذ أن حلّها لا يرتبط فقط ‏بحلّ الخلاف الشخصي بين اللواء والمدير بل بإتخاذ قرار حاسم يتبنى السير في إتجاه الحل ‏النهائي لجذور الأزمة، وذلك من خلال تعديل النظام الداخلي لجهاز أمن الدولة، إما بسحب ‏الصلاحيات المعطاة لنائب المدير منذ عهد الرئيس الأسبق أمين الجميل، وحصرها كي لا توازي ‏تلك المعطاة لقائد الجهاز، وإما بتشكيل مجلس قيادة من ستة عمداء لمديرية أمن الدولة على أن ‏يكون صوت الرئيس مرجحاً وذلك يتطلب قانوناً في مجلس النواب.‏