على ساحل المتن الشمالي، تبدو بلدة سن الفيل واحدة من البلدات التي لن يمر فيها الاستحقاق البلدي مرور الكرام، فالماكينات الانتخابية الحزبية والعائلية في اوجها.

حوالى التسعة آلاف ناخب على لوائح الشطب في سن الفيل، مدعوون للمشاركة في الانتخابات البلدية في الخامس عشر من أيار المقبل، في انتخابات تبرز فيها الاصطفافات السياسية والعائلية، بين اللائحة التي يرأسها الكتائبي نبيل كحالة، الذي يريد الفوز بولاية بلدية ثالثة، وجوزف شاوول، المدعوم من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.

يعتبر الموارنة الناخب الأول في سن الفيل، البلدة التي تضم، نسيجاً طائفياً متنوعاً، من الروم الأرثوذكس والكاثوليك، والارمن الأرثوذكس والكاثوليك، والسريان الأرثوذكس والكاثوليك، واللاتين، والسنة والشيعة والدروز والكلدان والاشوريين والانجيليين.

في الانتخابات النيابية في العام 2009، اقترع 4619 ناخباً في سن الفيل، وفي الانتخابات البلدية اقتراع 4185 من بينهم، بينما ترجح معطيات المتنافسين أن لا يتخطى عدد المقترعين هذه الأرقام بعد أسابيع من اليوم.

منذ تأسيسها، تشكّل بلدية سن الفيل على ساحل المتن الشمالي، نسيجاً عائلياً وسياسياً. في العام 1910، تأسست البلدية الأولى في سن الفيل، برئاسة الخوري يوسف الحايك، وسمّين بال"كومسيون"، وكانت تدير شؤون سن الفيل والدكوانة وبرج حمّود. وفي 22 آذار 1915، اُعدم الخوري الحايك في ساحة المرجة بدمشق بأمر من جمال باشا السفاح، فتَولّى الكومسيون مداورة من بعده، بشارة الخوري ونقولا يوسف الحايك.

وفي العام 1938 اصبح لمنطقة سن الفيل بلدية مستقلة، تناوب على رئاستها كل من سليم زوين(1938- 1952)، فايز يوسف شاوول(1952- 1962)، حتى انتخب حبيب حكيم رئيساً للبلدية في العام 1963، واستمر في موقعه حتى الانتخابات الأولى ما بعد الطائف في العام 1998، ليأتي سامي شاوول من بعده في العام 2004. اما الرئيس الحالي للبلدية نبيل كحالة، فيستمر في موقعه منذ العام 2004.

وعلى الرغم من ان خصومه يؤكدون انه رأس حربة الماكينة الانتخابية لحزب الكتائب في المنطقة، واحد المفاتيح الأساسية للنائب ميشال المر في المتن، الاّ أن كحالة يقول ل"البلد" انه لم يمارس نشاطه الحزبي منذ 18 عاماً، تاريخ بدء عمله البلدي. يؤكد كحالة أنه مرتاح لسير المعركة، لا سيما "أن كل يوم انتخابات بلدية بالنسبة الي، فأنا اعمل لانماء منطقتي، وعلى تماس يومي مع جميع عائلاتها".

يتريّث كحالة في الإعلان الرسمي عن لائحته، علماً انه يؤكد انها باتت جاهزة ومقفلة ومكتملة، تتألّف من 10 أعضاء من المقربين الى الجو العوني، و2 من القوات، و2 من الاحرار، بالاضافة اليه، وثلاثة أعضاء يصفهم بالمستقلين.

في المقابل، حسمت لائحة شاوول الجدل القائم حول اتجاه تأييد التيار الوطني الحر الرسمي. وبعد زيارة للعماد ميشال عون في الرابية قبل يومين، أكد رئيس تكتل التغيير والإصلاح انه يقف مع لائحة جوزف شاوول، التي بات تجمع قرار التيار والقوات اللبنانية والعائلات، والذي يصفه خصومه حتى "بالرجل الآدمي".

وبينما ترأس عبدو شاوول في العام 2010 اللائحة المدعومة من التيار في وجه كحالة، الاّ انه بات من مؤيدي كحالة في هذه الانتخابات. وبينما استغرب البعض ذلك، نظراً لما كان بين الرجلين من اتهامات متبادلة، الاّ أن عبدو شاوول يؤكد ل"البلد" أن ما جمعه بكحالة هو "الاتفاق على برنامج العمل القائم على اشراك المجتمع المدني في سن الفيل من خلال هيئاته وشبابه في درس ووضع مشاريع للتنفيذ...فأنا اطمح الى واقع افضل لاولاد المنطقة وهم الذين لديهم الكثير لتقديمه".

بالنسبة الى منافسي كحالة، فإن ساعة التغيير قد دقت، معتبرين أن "رئيس البلدية الحالي اهمل بناء الانسان في سن الفيل، بينما بناء الحجر لم يرتق الى المستوى المطلوب في ظل غياب للشفافية"، متسائلين، اين التخطيط؟ وأين مواقف السيارات في منطقة مقتظة بالسكان؟".

قبل اشهر، دشّن كحالة القصر البلدي الجديد الذي وصف بأحد إنجازات المجلس الحالي للبلدية، بينما يسأل جوزف شاوول عبر "البلد" "بماذا استفاد المواطن من هذا البناء؟ فالعقار على مساحة 8000 م2 وسعره حوالى ال35 مليون دولار، بالإضافة الى كلفة البناء. فيما كان بالإمكان تشييد قصر بلدي لائق بأبناء المنطقة على مساحة 2000 م2، والاستفادة من المساحة المتبقية لاقامة مشاريع تهم أهالي المنطقة".

وبينما يقول شاوول إن ترشحه يأتي بهدف تحقيق مبدأ تداول السلطة "وهذا لا يعني زيح لأقعد محلك، بل على أساس مشروع ورؤية"، يشرح انه "اذا وصلنا سنكمل الإيجابيات، ونضع حداً لكل ما هو غير سليم، وسنغيّر المسار لان هناك اعمال ملتوية وملتبسة".

اما كحالة فيقول ل"البلد" إن "تداول السلطة امر مهم ومطلوب بالطبع، ولكن طالما أن لدى من هو على رأس السلطة المحلية المزيد لتقديمه، فهو يحتكم مجدداً الى صناديق الاقتراع".

بالنسبة لشاوول "فمن يتسلّم مقدرات بلدية بهدف الخدمة العامة، ويحمل هم أبناء بلدته ويرعاهم ادارياً ومالياً، ففترة ست سنوات تبدو كافية، اما من يريد المنفعة من المنصب، فيرغب بالاستمرار مئة سنة".

يؤكد كحالة انه سيصوت لصالح ميرنا المر لرئاسة اتحاد بلديات المتن، "اما ترشحه لنيابة الرئاسة، فمسألة سابقة لأوانها"، فيما يختم شاوول حديثه بالقول "اعاهد الجميع بأن لا امد يدي على المال العام، ولن أكون من الشاطرين في هذا الموضوع، وسأحافظ على الأمانة بإخلاص".

قبل أسابيع من الاستحقاق، يبدو ان الاقبال سيكون كثيفاً على صناديق الاقتراع في سن الفيل. أسابيع متبقية سيتكثّف في خلالها البوانتاج لدى المعنيين بالماكينات الانتخابية، حتى يأتي حصاد الصناديق، على قدر حساب الاستطلاعات.