نجحت السعودية قبل بضعة أشهر في الحصول من جامعة الدول العربية على اتهام حزب الله بالإرهاب، وها هي اليوم تحصل من منظمة التعاون الإسلامي التي اجتمعت في اسطنبول في 15/4/2016، على تكرار هذا الاتهام للحزب، لكن مع إضافة هذه التهمة إلى إيران، وإلى "تدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.. واستمرار دعمها للإرهاب.."، ما يعني أن السعودية ماضية في معركتها على أساس أن إيران هي عدوها الأول. لم تكتفِ السعودية بما حققته على المستويات الإقليمية في توصيف حزب الله وإدانته، بل سعت دبلوماسيتها إلى الحصول من مجلس الأمن على قرار إضافي يتهم حزب الله بالإرهاب، بحيث تكتمل دائرة الحصار على الحزب عربياً وإسلامياً ودولياً، لكن هذه المحاولة لم تنجح، بسبب التصدي الروسي - الصيني لها، وبسبب التجاهل الأميركي لمثل هذا الطلب.

السؤال الذي يطرح نفسه بعد كل تلك الإدانات والاتهامات: إلى أين تريد المملكة أن تصل في علاقتها مع إيران وفي مواجهتها مع حزب الله؟ ولماذا تذهب بعيداً وتحرق كل سفن العودة في هذه "الحرب" التي لا يتضح تماماً السقف الذي يمكن أن تصل إليه؟

الملاحظات والاستنتاجات التي يمكن تسجيلها على هذا "الاندفاع السعودي"، والذي بلغ حداً غير مسبوق، هي الآتية:

1- لقد أدّى القرار الذي صدر عن الجامعة العربية ضد حزب الله إلى زرع الانقسام في هذه الجامعة، بحيث باتت أكثر تصدُّعاً مما كانت عليه قبل اتخاذ هذا القرار.. والسياسة السعودية هي المسؤولة عن ذلك.

2- لقد تحولت منظمة التعاون الإسلامي إلى منظمة لتعميق الخلافات وتوزيع الاتهامات بين الدول الإسلامية، بدل أن تكون مكاناً لتوحيد الجهود ورأب الصدع، وتطوير سبل التعاون.. والسياسة السعودية هي المسؤولة عن هذا التصدع.

3- إدانة حزب الله واعتباره تنظيماً إرهابياً أثلج قلوب الصهاينة في فلسطين المحتلة، لأن السعودية ودولاً عربية وإسلامية باتت تنظر بالطريقة "الإسرائيلية" نفسها إلى حزب الله.. إن سياسة السعودية هي المساهم الأول في هذه السعادة التي تغمر قادة العدو في فلسطين..

4- إن حاجة السعودية إلى الاطمئنان والاستقرار بسبب التغيّرات التي تجري في داخلها، والتحوّلات الجيواستراتيجية من حولها، وخوفها من فقدان الحماية الأميركية، لن تتحقق من خلال الحرب على جيرانها، ولا من خلال تحويل حزب الله إلى إرهابي، أو إيران إلى عدو.

5- إن ما تحتاجه السعودية هو إعادة النظر في "وهابية التكفير"؛ المسؤولة عن هذا الوجه المظلم من الإسلام الذي نشهده اليوم، وقد باتت "الوهابية" كما لم تكن في أي يوم موضع اتهام عالمي، ولن يغيّر "إرهاب" حزب الله أو يبدّل شيئاً من هذا الاتهام لـ"الوهابية".

6- إن ما تحتاجه السعودية هو فتح قنوات الحوار مع الجمهورية الإسلامية في إيران، وليس مع دولة الاحتلال "إسرائيل". أما وصم حزب الله بالإرهاب فلن يضيره، ولن يغيّر من موقعه الإقليمي، ولا من مقاومته لـ"إسرائيل" ومحاربته للإرهاب، في حين سيجعل اتهام المقاومة بالإرهاب المملكة أكثر تماهياً مع "إسرائيل"، وهذا بالتأكيد ليس من مواصفات الدولة التي تدعي زعامة العالم الإسلامي.