إنطلقت في موسكو فعاليات منتدى «إعلاميون من العالم الإسلامي ضدّ التطرّف» في نسخته الثانية بمشاركة أكثر من سبعين صحافياً من دوَل العالم الإسلامي، ومِن بينهم ممثّلو وسائل الإعلام الروسيّة التي باتت معنيّة بملفات العالم الإسلامي وقضاياه أكثر من ذي قبل، وذلك على وقعِ التدخّل العسكري الروسي المباشر في سوريا. فضلاً عن حضور «المستشرقين الروس» الكبار الذين سبقَ وعملوا في السلك الديبلوماسي في البلدان الإسلامية والعربية.بدا المشهد في قاعة المؤتمر أشبَه بصورة مصغّرة عن القمّة الإسلامية بدورتها المنعقدة أخيراً في اسطنبول من حيث جنسيات المشاركين، سواء من المجموعة الخليجية ـ العربية، مصر، اليمن ولبنان، أو دول العالم الإسلامي من ايران الى بنغلادش، فأفغانستان وسواها. إضافة الى وفد غير رسمي لإعلاميين اتراك من المعارضين لحكومة «العدالة والتنمية».

إلّا أنّ ما لوحِظ في الفارق بين المؤتمرَين المنعقدين في اسطنبول وموسكو ليس من ناحية مستوى الحضور ونوعيته ورسميته والجهات الداعية له وحسب، بل في طريقة استحضار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث بدا كما لو أنّه متّهم في العاصمة موسكو، وليس «مضيفاً» و»مخلصاً» أو حتى «شريكاً» في مكافحة الإرهاب، كما الحال في مؤتمر اسطنبول.

ولعلّ صورة التوتّر الروسي - التركي خير من عبّرَ عنها الصحافي التركي هاكان أكساي، مراسل قناة «روسيا 24» في تركيا، وخرّيج الجامعات الروسية الذي أوصى القيّمين على المؤتمر بضرورة التمييز في العداء بين أردوغان والشعب التركي، عارضاً ما حصَل معه في مطار موسكو لحظة وصوله، حيث تحوّل «جواز السفر التركي» تهمة في نظر ضابطة الجمارك كما قال أكساي.

وقبَيل تناوب الضيوف على الكلمات، افتُتح المؤتمر بكلمة لممثّل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ميخائيل بوغدانوف الذي ذكّر باقتراح الرئيس الروسي الذهاب نحو تحالف دولي عميق لمكافحة الإرهاب وجذوره، مثنياً على دور الإعلاميين الحاضرين في كشفِ النقاب عن جرائم تنظيم «داعش» وأخواته، فضلاً عن عدم السماح بالتلاعب بالرأي العام، مشيراً إلى أنّ المعركة مع الإرهاب لا يزال أمامها طريق غير قصير.

وكشفَت مراجع معنية بتنظيم المنتدى لـ«الجمهورية» عن النيّة لتوجيه نداء في توصيات فعاليات «المنتدى الدولي الثاني» إلى الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون تحضّ فيه هيئة الأمم المتحدة «على اتّخاذ خطوات فعّالة لتصحيح فضاء المعلومات وإغلاق منافذ عبور الإرهابيين الى الرأي العام عبر المواقع الإلكترونية المحرّضة على الغلوّ والتطرّف وإغلاق القنوات الفضائية المستعملة لنشر التطرّف والأفكار المعادية للإنسانية والمروّجة للإرهاب».

وستتواصَل فعاليات المنتدى حيث سيشمل البرنامج لقاءات في الكرملين ونقاشات «عصر فكري» بين الحاضرين الذين لم يقتصروا على ما يُعرف بمحور «الممانعة»، وفي هذا الأمر إشارة إلى الهامش الواسع الذي رسمته الخارجية الروسية لنفسها في تعاطيها مع العالمَين الإسلامي والعربي.

وعليه، يبدو أنّ القيادة الروسية مقتنعة بأنّ اقتلاع الإرهاب لا يكون بقاذفات «السوخوي» والعمليات العسكرية التي تشرف عليها القيادة العسكرية وحسب، بل إنّ وسائل أخرى لا بدّ منها للقضاء على الإرهاب والتطرّف، سواءٌ فكرياً أو نظرياً، ولعلّ الإعلام أحدُ أكثر الوسائل أهمّيةً في الرؤية الروسية لطريقة التعاطي مع الإرهاب في المرحلة المقبلة.

يُذكر أنّ موسكو ستشهد في نهاية الأسبوع الحالي مؤتمر «الأمن الدولي» بدعوةٍ من وزير الدفاع الروسي ومشاركة 19 وزير دفاع بينهم نائب رئيس الحكومة اللبنانية وزير الدفاع سمير مقبل على رأس وفد من ضبّاط الجيش اللبناني الكبار والذي سيلتقي على هامش المؤتمر نظيرَه الروسي.