حتى لو ترشّح قواتي على لائحة بلدية لا تدعمها قيادته الحزبية أو هيئة البلدة المحلية، لا يحاول المرشح المذكور أن يصادر قرار حزبه عبر الإيحاء للناخبين القواتيين بأنّ معراب تدعم اللائحة التي يترشح فيها لا تلك التي سبق لها أن تبنّتها.
هذا السلوك الانتخابي لبعض المرشحين ينسحب أيضاً على الطامحين الكتائبيين، وحتى على المرشحين الذين يريدون الوصول بقرار فردي منهم، لا قيادي من "حزب الله" أو "تيار المستقبل" أو "حركة أمل"، لكنّه لا ينطبق أبداً على "التيار الوطني الحر"، حيث تبرز بعض الظواهر الإنتخابية التي لا يمكن لعقلٍ بشريٍ أن يفهمها. ظواهر تبني معركتها على خداع الناخبين العونيين بأنّ القيادة الحزبية البرتقالية التي قالت كلمتها بدعم اللائحة المقابلة للائحتهم، لم تحسم قرارها بعد، أو أنهم بتاريخهم العوني أو ببطاقاتهم الحزبية، يمثلون القرار الرسمي لـ"التيار الوطني الحر"، علّ ذلك يمكّنهم من إنتزاع بعض الأصوات من الكتلة العونية الناخبة والتي تكون عادةً القوة التجييرية الأقوى في بلداتهم.
هذا هو واقع الحال في بلدة الحدت. فهناك ومنذ عام 1998، أي قبل أن يكون هناك حزب إسمه تيار وطني حر، يشكّل العونيون أساس النسيج الإجتماعي والسياسي لما يعرف بـ"تضامن شباب الحدت"، ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، يترشح العونيون الى البلدية بلائحة معروفة الإنتماءات السياسية، ومدعومة من العماد ميشال عون شخصياً. خسروا في العام 1998 وكذلك في دورة العام 2004، ثمّ فازوا وبفارق أصوات كبير جداً، في الإنتخابات البلدية الأخيرة عام 2010. اليوم، يخوض عونيو الحدت معركة إنتخابية تحت لواء "تضامن شباب الحدت" وبشعار "الحدت بكل فخر"، منطلقين من الإنجازات التي تحققت في عهد رئيس المجلس البلدي الحالي، جورج إدوار عون وفريق عمله المتجانس، برأس حربة حدتية، إسمها ​جورج حداد​، وهو مناضل عوني عتيق وأحد أبرز الأعضاء البلديين. وفيما حصلت لائحة عون على دعم هيئة الحدت في التيار، وهيىة قضاء بعبدا، وعلى دعم نواب بعبدا حكمت ديب وآلان عون وناجي غاريوس، وفي الوقت الذي زار فيه نائب رئيس التيار رومل صابر مكتب اللائحة الإنتخابي، وزار أعضاؤها العماد عون حاصلين على بركته كما كان يحصل في السنوات الماضية، هناك في الحدت قلة قليلة من العونيين الحزبيين والمفصولين من "التيار"، تترشح على لائحة رئيس البلدية السابق أنطوان كرم المدعوم من "القوات" و"الكتائب" و"الأحرار"، وتحاول بشكل فاضح أن تصادر قرار "التيار"، علماً أن إبن الست سنوات الحدتي، وفي حال سئل عن قرار التيار في الإنتخابات، يجيب ومن دون أن يفكر بأن العونيين والجنرال وقيادة "التيار"، مع لائحة ​جورج عون​.
محاولة "خداع" الناخبين العونيين ومصادرة قرار "التيار"، تحضر أيضاً في أم معارك جبل لبنان، جونية، ولكن بتوقيع غير برتقالي ولا يمتّ الى "التيار" بصلة. ففي عاصمة كسروان-الفتوح، لا يفوّت مرشح آل افرام ​فادي فياض​ إطلالة إعلامية إلا ويتحدث فيها عن صداقته بالوزير ​جبران باسيل​ وعن تنسيقه الدائم مع "التيار"، علماً أنّ العماد عون قالها وبالفم الملآن منذ يومين: "جونية عاصمتي الإنتخابية، وهناك لائحة مشكَّلة بين التيار والسيد جوان حبيش، نأمل من المواطنين أن يؤيّدوها".
هي ليست المرة الأولى التي تبرز فيها هذه الظواهر، وقد يكون السبب أن المنظومة الحزبية البرتقالية تأخرت كي تبصر النور، ولكن تثبت التجارب الماضية، حتى تلك التي سبقت التركيبة الحزبية، أنّ للتيار قرارًا، ومن الصعب جداً مصادرته.