لا يمكن فهمُ ما يجري في سورية والعراق راهناً، إذا لم نتمكن من قراءة التاريخ جيداً بعد مئة عام على اتفاقية سايكس بيكو، وإلا سيصعب علينا مواجهة التحديات التي تجابه وطننا.

التاريخ هو روح مجتمع السوري وسجل حياته، والمجتمع الذي بلا تاريخ يذوي ويموت، لأنه يشكل عتبة إلى الحاضر ويرسم بعضاً من آفاق المستقبل، وحين يكون التاريخ مشوهاً، فإنه يصيب المجتمعات بالعطب والضمور خاصة إذا كان هذا التاريخ منتفخاً بالأوهام والخرافات و»القداسات»، اليهودية والدينية، الكاذبة.

التاريخ قوة تمضي إلى أمام وشرطه القومي في النهاية في تحقيق وعي الحرية وتسامي الروح الوطنية وتجليها في المطلق..

وما يسعى إليه الكيان السرطاني الصهيوني المزروع في جسدنا، هو تقزيم قضيتنا القومية وتحويلها قضية حقوق دينية، مذهبية وعرقية، فهل نحن نساهم بهذا التطهير لنسيجنا ولوجودنا كأمة؟ وهل نساهم فعلاً بممارسة التطهير ضد أنفسنا ووجودنا؟

إن حلول الذكرى السنوية المئة لاتفاقية سايكس بيكو، وقد تكون تاريخ انتهاء صلاحيتها، فاتحة نحو عقد معاهدات استعمارية جديدة لتقسيم المنطقة إلى دويلات صغرى خدمة لنقاء يهودية «إسرائيل»، خصوصاً أن الحديث يكثر عن تقسيم سورية والعراق.

إسقاط سورية عسكرياً أو تجزئتها وضعف مساعدة العراق للنهوض من جديد بسرعة، رغم استمرار محاولة تجزئته وخلق الفوضى الطائفية والعرقية في المنطقة ليس كما يعتقد من يجهل قراءة الواقع لأجل نشر الحرية والديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، بل هي لخلق دويلات قائمة على أساس عقائدي ترفض بعضها البعض، عرقياً ودينياً، وخلق التناحر المستمر، وتوجيه الأنظار للاقتتال الداخلي الأهلي، خصوصاً بعدما نجح خطة أن قتال إيران واجب أكثر من قتال «إسرائيل»!

واضح تماماً أن الموساد أصبح جزءاً من «الثورة» في سورية، كما السعودي والقطري والتركي. ماذا عن جماعة اسطنبول وعن جماعة باريس وعن جماعة الرياض؟ اسألوا رموزهم واضعي الريش على رؤوسهم من ميشيل كيلو، وبرهان غليون وجورج صبرة… فهم يتحدثون علناً ويقولون هذا تركي، وهذا فرنسي، وهذا أميركي، وهذا أيضاً وأيضاً «إسرائيلي». أين العيب في ذلك؟

لاحظوا وجوههم التي تغطيها الأصباغ.

سايكس بيكو، ونشأة الكيان الصهيوني.. وهؤلاء الآتين من أقاصي .. جهنم، أو من مؤخرة يهوه. كل ذلك يدفعنا للتساؤل، كيف يتحول «المؤمنون» إن «أمّنوا» لمصاصي دماء، ولا ندري كيف يستولدون هذا الطراز من الهمجية حيال أبناء طائفتهم، وبني قومهم،.. والعالم؟

قالت مشيخات الخليج بعد مئة عام على سايكس بيكو: «إسرائيل شقيقتنا» لا سورية. «إسرائيل جارتنا» لا إيران.. فهل فهمنا معنى العدوان؟