شكل ملف القرار الأميركي 173 محطة جديدة من التشنج ارخت بظلالها على الواقع اللبناني لكونه يعني مباشرة حزب الله بما يمثل على الساحة الاقليمية والداخلية من حضور عسكري- أمني وكذلك وزاري- نيابي- شعبي في معادلة النظام اللبناني، و يشكل اعتراض تطبيقه من قبل حزب الله عليه تداعيات على لبنان لا يمكن تحملها بحيث بدى حتى حينه إنه بين فكي كماشة:

-الأول يتمثل بضرورة تطبيق القرار الأميركي وما ينجم عنه من اجراءات تؤدي عندها بابقاء لبنان على خارطة الاقتصاد الدولي وعلى مسار التبادل النقدي.

-والثاني يتمثل في حال عدم احترام لبنان لهذا القرار بوضع لبنان على اللائحة السوداء ويضحي معزولا اقتصاديا ونقديا عن العالم الغربي بنوع خاص مع ما يحمل هذا القرار من شلل في القطاع المصرفي بعدما تتوقف عمليات التبادل وتحويل الأموال بين لبنان والخارج، ويؤدي ذلك الى انقباض الحركة التجارية اللبنانية.

في هذا الأطار تقول أوساط غربية متابعة للملف ومعنية بالقرار الأميركي إن الاجراءات ستكون تصاعدية ولن توقفها احتجاجات حزب الله مشيرة الى أن حزب الله يرفع من سقف المواجهة وردة الفعل بهدف اظهار ذاته تأثر حتى حينه بمدى الاجراءات التي طالته وفق مناورة ذكية هدفها اعطاء اشارة للادارة الأميركية بأنه تعب من وطأة قرارها 173 وبما يمكن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من دوزنة تطبيق هذا القرار بما يطمئن واشنطن ولا يشل الحركة النقدية لحزب الله.

لكن الأوساط نفسها تعتبر بأن محاولة حزب الله باظهار نفسه مضغوطا اقتصاديا لن توقف مدى الاجراءات ولا من الممكن تحويل الأمر وكأنه ضد الاقتصاد اللبناني مستشهدة الأوساط ببيان السفارة الأميركية في بيروت الذي نص على أن «واشنطن لا تزال تتوخى الحذر في محاولاتها لعزل حزب الله عن النظام المصرفي العالمي وأنها ستفعل ذلك بطريقة تحمي الاقتصاد اللبناني والنظام المصرفي قدر الامكان دون استهداف الأبرياء»، فالادارة الأميركية تكمل الأوساط تتعاطى مع حزب الله من باب الملاقاة لما كان أعلنه سابقا كبار مسؤوليه بأن الأموال تصله نقدا من ايران ولذلك هي تعمل لسد هذه الثغرة التي تمس سلامة وشفافية التعامل النقدي في العالم .

وتتمسك الأوساط الغربية بضرورة الفصل في هذا الملف بين قرارها بتجفيف أموال حزب الله كمنظمة على» اللائحة السوداء» في أميركا وتلعب دورا اقليميا عسكريا أمنيا مشاغبا وبين تعاطيها مع الطائفية الشيعية كشريحة لبنانية بعيدا عن أي حساب مذهبي أو سياسي بحيث تدل اللقاءات التي يجريها كبار المسؤولين الاميركيين ابان زيارتهم لبنان مع زعيم «ميليشيا أمل الشيعية « ورئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري أو من خلال اللقاءات الواسعة والنوعية التي عقدها وزير المالية في واشنطن وما سمعه من كلام حساس وصولا الى اللقاءات الأمنية التي قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في الولايات المتحدة ، عدا عن عدم اعتراض واشنطن على أي حضور لحزب الله في التركيبة الحكومية، مما يعني تتابع الأوساط إن واشنطن لا تنظر الى الهوية السياسية والدينية لأي مسؤول لبنان منخرط تحت سقف الشرعية اللبنانية ويعمل من ضمن المؤسسات الديموقراطية.

اذ ان الاجراءات ذات الصلة بالقرار الأميركي ليست موجهة ضد لبنان تضيف الاوساط بقدر ما هدفها حمايته للحد من انفلاش حزب الله بهدف دفعه للانتقال نحو العمل السياسي الصرف بعيدا عن أي طابع «عسكري أمني» أو أي تمدد خارج حدود لبنان لأي أهداف أو خلفيات هو يجدها مقنعة وتأتي تلبية لمطلب ايران التي تتحرك في المنطقة وتعمل على توسيع نفوذها.