وكأنّ اليأس بدأ يفعل فعله في أهالي العسكريين المخطوفين لدى تنظيم داعش الإرهابي. أشهر العام 2016 تمرّ، الواحد تلو الآخر، من دون معرفة ولو معلومة واحدة عنهم تعطي الأهالي مؤشراً عما إذا كانت فلذات أكبادهم على قيد الحياة أم لا. شهر آب من العام 2016 بات على الأبواب، ومصير العسكريين التسعة اللذين خطفوا في الثاني من آب عام 2014 لا يزال مجهولاً. المفاوضات الرسمية مع التنظيم الإرهابي الخاطف لا تزال متوقفة منذ أكثر من عام. لا رئيس الحكومة ​تمام سلام​ المتابع الأول لهذا الملف يملك خبراً قد يشفي غليل الأهالي، ولا المدير العام للأمن العام اللواء عباس أبراهيم، المفاوض الأول بهذا الملف، وصانع الإنجازات التفاوضية من ملف مخطوفي أعزاز الى راهبات معلولا وصولاً الى العسكريين الذين حرّرهم من مغاور ​جبهة النصرة​ العرسالية، لديه ما يقوله من جديد عن هذه القضية الإنسانية.

آخر ما سمعه الأهالي عن أبنائهم الذين ذهبوا ضحية غزوة عرسال الشهيرة، هو ما نُشر في شهر نيسان الفائت عبر بعض وسائل الإعلام، عن مقتل عبد الرحمن دياب، أحد العسكريين المخطوفين التسعة، وهو يقاتل الى جانب تنظيم داعش في إحدى المدن السورية. خبر مقتل دياب لم يحمل للأهالي أي جديد، وهم الّذين كانوا على علم رسمي، ومنذ أكثر من سنة، بأن دياب قرّر ترك الجيش اللبناني بعد عملية خطفه ونقله الى الجرود العرسالية، مبايعاً أمير التنظيم أبو بكر البغدادي، كل ذلك لأن المسؤول السابق لتنظيم "داعش" في جرود عرسال والذي كان يعرف قبل مقتله بـ"أبو طلال"، هو خاله، لذلك حرره من الخطف ثم دفعه الى مبايعة أمير التنظيم، وألحقه بصفوف مقاتليه في الداخل السوري. نعم لم يحمل خبر مقتل دياب أي جديد للأهالي، وهم الذين يعرفون جيداً، أن الجيش اللبناني أوقف تحويل راتبه لعائلته البقاعية إسوةً بباقي عائلات المخطوفين، منذ أن تبلغت مديرية المخابرات معلومات وثيقة حول دياب، ولن يعود الى صفوف المؤسسة، وعملية توقيف الراتب هذه تعود الى أكثر من عام ونيف.

منذ فترة قصيرة لا تزيد عن الشهرين فقط، تسرّبت الى الأهالي عبر قنوات رسمية معلومة عن محاولة يقوم بها المتابعون لهذا الملف بهدف إعادة الحرارة الى قنوات الإتصال مع التنظيم الإرهابي. محاولة قوامها أحد الإرهابيين الموالين لـ"داعش" أخرجته السلطات القضائية من السجون اللبنانية بقرار سياسي. المعلومة تفيد بأن الإرهابي الذي لبس ثوب المفاوض، زار جرود عرسال وعاد من دون أي نتيجة عملية، ناقلاً بحسب رواية المتابعين، جواً سلبياً مفاده أن قيادة التنظيم لا تزال ترفض فتح أي قناة تفاوضية في قضية العسكريين الرهائن لديها.

لكل ما تقدّم غابت الحياة عن مخيم إعتصام الأهالي في ساحة رياض الصلح، وبات مهجوراً من أهله. وحده حسين يوسف والد العسكري المخطوف محمد يوسف، الذي يزور خيمته بين الحين والآخر، آملاً بأن يسمع الخبر المنتظر مهما طال إنتظاره. والدة المخطوف حسين عمار التي لطالما بقيت لأشهر وأشهر في الساحة، تلازم بلدتها فنيدق، وكذلك فعلت والدة المخطوف خالد مقبل.

إذا بما أن أبواب التفاوض مقفلة أمام عروض مقايضة العسكريين بموقوفين إسلاميين أو بمبالغ مالية ضخمة، كما حصل في الصفقات الأخرى، هل يمكن إطلاق تسمية "القضية اللغز" على ملف العسكريين المخطوفين لدى "داعش"؟