يبدو التناقض فاضحاً في قراءة المف الرئاسي والمواقف منه وبين القارئين في الفنجان الرئاسي بين من يعتقد بأن «الستاتيكو» لا يزال على حاله وان حظوظ كل من عون وفرنجية لا تزال تلامس الصفر في الموضوع الرئاسي وبأن كل الاشارات الصادرة ما هي الا زوبعة لنثر الغبار الذي سببته الانتخابات البلدية والتي ضرب فيها الاقطاع السياسي ولم تربح الاحزاب كما كان يفترض، وبين القائلين بفرضية ارتفاع حظوظ رئيس تكتل الاصلاح والتغيير خصوصاً بعد انتكاسة سعد الحريري في الانتخابات البلدية وحاجته ربما الى اعادة تعويم نفسه وترميم شعبيته والعودة الى السلطة ربما من خلال بوابة السراي لمواجهة حالة ريفي السنية وبالتالي سيكون على الحريري تقديم التنازلات في الملف الرئاسي وربما العودة الى تبني خيار ميشال عون، وقد اتى التمهيد لهذه الخطوة كما تقول اوساط سياسية من خلال عدة احداث حصلت مؤخراً على الساحة السياسية وفي همروجة الانتخابات البلدية يصعب تجاهلها وكان منها الموقف المفاجىء لرئيس المردة سليمان فرنجية الذي ابلغه للحريري بضرورة عدم شعوره بالاحراج اذا ما مالت الدفة الانتخابية الى جهة عون، وهذا الموقف في حينها لم يأخذ حقه من الاهتمام في غمرة البلديات وان كان ينطوي على دلالات كثيرة واشارات اخرى يمكن رصدها مؤخراً تصب ربما في صالح القراءة الثانية التي تقول ان حظوظ فرنجية لم تعد تشبه نفسها او تلك التي فرضتها التسوية الباريسية وان كانت علاقة الحريري وفرنجية في افضل مستوياتها وان كان الحريري متمسكاً بترشيح الزعيم الشمالي لحسابات كثيرة في السياسة كما ان درجة الانسجام السياسي بينهما او الكيمياء تبدو مرتفعة عن تلك التي يمكن ان تحصل يوماً بين الحريري وعون. الا ان المؤشرات التي لا يمكن تجاهلها تؤشر الى ان الرياح الاقليمية تبدو الغالبة والمرجحة في هذا الاستحقاق تضيف الاوساط، وبالتالي لا يمكن مرور الكرام على الموقف الفرنسي الذي تم تسريبه مؤخرا حول النصيحة الباريسية لسعد الحريري بالعودة الى خيار ميشال عون، او حيال المؤشرات عن تراجع التشنج السعودي وربما سقوط «فيتوات» اقليمية حول ترشيح عون. اما داخلياً فان كل المواقف تؤشر الى خربطة ما او اتجاه لقلب الطاولة ربما، فكلام وزير الداخلية رغم كل التبريرات والتوضيحات التي صدرت وحاولت تبرئة الحريري منه لا يزال محور رصد وكلام الساعة، فالوزير المشنوق لا يمكن ان يتخذ مواقف من عندياته وبدون تنسيق مع رئيس تيار المستقبل في شأن المواقف غير الشعبية التي اتخذها تيار المستقبل في المراحل الماضية، وبالتالي فان زعيم المستقبل الذي مني بخسارة قاسية في طرابلس مقابل خصمه القيادي السابق في المستقبل اراد ربما من خلال المشنوق ان يحدث صدمة او يوجه رسالة في صندوق البريد السريع الى الداخل والى السعودية تحديداً مفادها اولاً انه ضحى برصيده الشعبي في محطات كثيرة كما حصل في موضوع الهبة السعودية او من خلال زيارة سوريا وصولاً الى الموضوع الرئاسي بعدما ثبت ان قرار فرنجية جاء بتوصية بريطانية ومن ثم اميركية فسعودية، اما النائب وليد جنبلاط فان كلامه بالسير بخيار ميشال عون اذا ما ارتضت الاقطاب المسيحية فهو ذو وجهين، فاما انه للمزايدة الكلامية وتسجيل المواقف وحشر الجميع امام مسؤولياتهم، واما ان جنبلاط التقط اشارات معينة اقليمية فقرر استباق الامور، وفي الحالتين فان الموقف الجنبلاطي يثير علامات التباس وان كان ليس معلوما مدى جدية والتزام بهذا الموقف من الموضوع الرئاسي، ولو ان جنبلاط في الحسابات الرئاسية يعتبر بيضة القبان الى جانب رئيس المجلس نظراً لعديد كتلته النيابية وتأثيرات تموضعاته السياسية.

ورغم كل ما قيل ويقال من حلحلة تلوح في الافق الا ان المؤكد وفق الاوساط مطلعة ان كل التحليلات والمواقف الدولية ترتبط بحسابات ومواقف افرقاء لبنانيين، في حين ان الجمود يسيطر على الملف الرئاسي ولا ايحاءات دولية واقليمية باقتراب حدوث انفراج في الموضوع الرئاسي والتأكيدات ان لا رئيس للبنان قبل نهاية عام 2016 وان الحركة السياسية في الداخل اللبناني لا تقدم او تؤخر في الاستحقاق، ولكن وضع الملف الرئاسي في الثلاجة الى حين تأتي الاستحقاقات لا يمنع اللاعبين في الداخل من المراهنة على حدوث تحولات ومتغيرات في حين يصر اللاعبون والمؤثرون في الاستحقاق في الداخل اللبناني على ادارة محركاتهم الرئاسية كل فترة ووضعها في العمل وان كان المرشحون ومن يدور في فلكهم اختاروا التهدئة وعدم التصعيد ضد بعض في اطار سياسة الانتظار والتوقيت المناسب قبل دخول المعركة الرئاسية المهلة الزمنية على التوقيت الاقليمي.

ولعل دخول الاستحقاق اللبناني الثلاجة الاقليمية مرده الى عدة عوامل وحسابات ومصالح الدول المعنية به، فاذا كانت طهران هي لاعب اساسي في الاستحقاق البناني فان الموقف الايراني يظهر ان طهران تفضل التريث حالياً ريثما يتضح المشهد السوري ومجريات المعركة السورية فيما يستعد الاميركيون للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني وبالتالي فان طهران تتطلع الى نتائج المعركة الرئاسية في اميركا وان الانتظار هو السياسة الفضلى لديها في الوقت المستقطع الراهن.