لم يتأخر الرد على "التيار الوطني الحر" من الّذين يكنّون له خصومة سياسية، وبالتحديد "تيار المستقبل" ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، عبر ما تمّ في جلسة مجلس الوزراء، حيث قام رئيس الحكومة ​تمام سلام​ بتنفيذ الخطّة التي أُعِدَّت، وهي رسالة أولية ردا على رسالة التحذير العونية-الأرمنية، بعقد جلسة مجلس الوزارء واتخاذ قرارات وان كانت غير مهمّة، خلافا لما تمّ الاتفاق حوله قبل الجلسة، بحسب وزير السياحة ميشال فرعون.

وبانتظار الردّين العوني والأرمني، وربما ينضم إليهم الوزير فرعون انسجاما مع الموقف الذي اتخذه، لاحظت مصادر وزاريّة أنّ موقف وزيري "حزب الله" لم يكن كما تمناه حليفهم العماد ميشال عون، لأنه لو كان الامر كذلك، لكان على وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش ووزير الصناعة حسين الحاج حسن الانسحاب من الجلسة، بدل الاكتفاء فقط بعدم مناقشة جدول الاعمال لأن الأمر كان سيؤدي الى فقدان النصاب وبالتالي تعطيل الجلسة، فمع انسحابهم يصبح عدد الوزراء المتغيبين ثمانية، لانه عندما بدأ مجلس الوزراء مناقشة حدول الاعمال كان المتغيبون، ثلاثة وزراء وهم وزراء "التيار الوطني الحر" و"الطاشناق"، وزير الاقتصاد آلان حكيم، وزير الداخليّة نهاد المشنوق، وزير السياحة ميشال فرعون، ووزير الصحّة وائل ابو فاعور الذي غادر الجلسة وعاد اليها بعد ان كان نقاش جدول الاعمال قد بدأ، يضاف اليهم وزيري "حزب الله" ليصبح العدد ثمانية وهذا كاف لرفع الجلسة.

ولاحظت المصادر ان "حزب الله" وقف مع حليفه الشيعي رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي عمل وأصرّ على إنجاح الجلسة وإلحاق هزيمة أخرى بالجنرال ميشال عون، مما يعني أن ملفّ التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي سيكون مصيره النجاح، وسيمرّ على غرار ما حصل في الجلسة، وان كان الوزير فنيش يرى ان الامور تعقّدت بعد القرارات التي اتّخذتها الحكومة، خلافا لمطلب وزيري الحزب.

واعتبرت المصادر أنّ زيارة صاحب مقولة "المعادلة الخشبية" في إشارة الى معادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، ميشال سليمان الى عين التينة، مباشرة بعد جلسة مجلس الوزراء، هي مؤشّر على أن رئيس المجلس النيابي أراد التأكيد على حيثيّة سليمان المسيحية، لمقارعة نظرة العماد عون حول موضوع التمثيل المسيحي.

وبالرغم من ان المصادر نفسها وصفت ما حصل في الحكومة اليوم من الناحية المبدئية انها نصف جلسة ونصف مشكل، وأنهم تَرَكُوا الأبواب مفتوحة للتواصل تمهيدا لإيجاد تسوية ما، فإنّ المعطيات المتوفّرة لا توحي بإمكانيّة تسوية.

ويعتقد ميشال سليمان حسب ما أوصى لمقربين منه أنّ الأيّام ليست في مصلحة عون لأسباب عدّة أهمّها العمر، وان وريثه جبران باسيل لا يملك الشعبيّة والحيثيّة اللازمة لقيادة التيار بنفس الوتيرة، وانه على تواصل مع قيادي آخر حظوظه اكبر من حظوظ وزير الخارجية في قيادة التيار.

وتعتقد المصادر ان الخريطة السياسيّة الحاليّة لا تسمح لعون بتبديل خيارات تحالفه رغم كل ما حصل، لأنه في الفريق المسيحي ليس هناك إمكانية حتى الان في التقارب ورئيس "تيّار المردة" النائب سليمان فرنجية، كما ان مواقف القوى المسيحيّة الباقية ما زالت غامضة، إنْ لم تكن مغايرة لرؤية عون حول مقاطعة الحكومة او الميثاقية، او بالنسبة للتمديد لقائد الجيش، إضافة الى ما يقوله مقرّبون من "الوطنيّ الحر" لجهة أن الجميع ابتعد عن طروحات الجنرال حول الحكومة والميثاقيّة والتمديد لقائد الجيش، والدليل ما حصل في مجلس الوزراء.

ولاحظت المصادر الوزارية أنّ "حزب الله" مستعد للمناقشة والتواصل مع الجميع وهو ليس على استعداد لافتعال مشكلة مع أحد ولا لأجل أحد، اللهمّ إلاّ إذا تعرّض أيّ فريق من الافرقاء لملف نزع سلاحه.

في الخلاصة يبدو أن ما نشر في الإعلام حول إمكانيّة البحث او طرح الفيدراليّة أو مؤتمر تأسيسي من قبل التيّار في حال وصلت الأمور الى مرحلة الاستحالة لانتخاب عون رئيسا للجمهورية، فإنّ مثل هذا الطرح، بحسب المصادر نفسها سابق لأوانه، وان هناك في محيط الجنرال عون من يعتقد بأن السعوديّة لا بدّ وان توافق مع رئيس "تيّار المستقبل" النائب ​سعد الحريري​ على عون كرئيس للجمهورية، وانّ هذه الرؤية اذا ما تبلورت وتُرجمت الى واقع، وبالرغم من كل ما حصل او سيحصل حيال الأزمة الحكومية، فإنها كفيلة بإيجاد حلٍّ لمعظم الأزمات التي يمر بها لبنان.