في بيت الوسط، حطّ رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​، منهيًا فترةً طويلةً نسبيًا من "الفتور" مع رئيس "تيار المستقبل" ​سعد الحريري​ بدأت منذ افتراق الرجلين "رئاسيًا" حين اختارا أن يدعما مرشحين مختلفين في فريق الثامن من آذار، أي رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون ورئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية.

وإذا كان "الشيخ" و"الحكيم" حرصا على تعميم صور "إيجابية" عن اللقاء، أظهرتهما مبتسمَين وضاحكَين، بعدما اتفقا أخيراً على دعم مرشحٍ واحدٍ للرئاسة وهو العماد عون، فإنّ التصريح الذي خرج به جعجع بعد اللقاء، وأحيا من خلاله قوى الرابع عشر من آذار، بتمسّكه بما أسماه "مشروعها"، شكّل محور أخذٍ وردّ على مواقع التواصل، ولاقى استهجاناً حتى من قلب البيت "الآذاري".

هكذا، وفي حين أشار الصحافي فارس خشان إلى أنّه يحاول تحليل الصورة التي جرى توزيعها رسميًا للقاء جعجع والحريري لفكّ رموزها وتداعياتها بالاستناد لتصريح "الحكيم"، كرّت سبحة التعليقات على جعجع من قبل الموالين والمعارضين له ممّن استفزّهم تعبير "مشروع 14 آذار"، بعد كلّ التحوّلات التي حصلت، فسجّل الناشط فيصل الأشمر لقوى "​8 آذار​" أنّها لم تقل ولو لمرّة أنّ لديها مشروعًا، "في حين يتحدّث جعجع كلّ يومين عن مشروع 14 آذار"، متسائلاً: "أيّ مشروعٍ هو هذا؟"

واستغربت سوسن مهنا "سعادة" جعجع بأنّ مشروع "14 آذار" مستمرّ ومتماسك، متسائلة عمّا إذا كان تبنّي ترشيح العماد عون يصبّ في هذه الخانة، فيما اختار خالد شلحة أن "يصحّح" كلام جعجع، داعيًا إياه لـ"عدم الضحك على العالم"، متوجّهاً إليه بالقول: "كل ما تفعلونه هو لتفادي تراكمات أخطاء 14 آذار". أما حسن خولة فتساءل عمّا إذا كان جعجع يحاول أن يُقنع اللبنانيين بأنّ كلّ ما يحصل هو لتنفيذ مشروع 14 آذار، قبل أن يردف، متعجّباً باللغة اللبنانية المحكيّة: "ما فاتت براسي!"

وفي حين أشار الناشط سركيس أبو عكار إلى أنّه، كعضو في "14 آذار"، كما قال، لا يستطيع أن يفهم كيف تنتصر "14 آذار" بترشيح النائبين سليمان فرنجية وميشال عون للرئاسة، وتساءل خالد الشمري في السياق عينه: "كيف يتحقق مشروع 14 آذار بانتخاب رئيس من 8 آذار؟"، اتهم العديد من الناشطين جعجع بأنّه، إلى جانب الحريري، من فرّطا بـ"14 آذار"، فرأى شبلي أبي شاهين أنّ "الحكيم" هو من نسف هذا الفريق من أساسه، متوجّهاً إليه بالقول: "البقيّة بحياتك، فقد كتبت نعيه، وأنت أول المتقدمين في جنازته"، وفضّل الياس بجاني تركيز نقده على ما وصفه بـ"فرط الحكيم 14 آذار وتبنيه مفاهيم الاستسلام بدلاً من المقاومة"، مشيراً إلى أنّ "شهداء 14 آذار لم يسقطوا حتى يحصل ما يحصل".

وفي وقتٍ كانت سارة قباني أكثر إيجابية من غيرها، بقولها أنّ روحية 14 آذار لم تمت طالما هناك تكامل بين بيت الوسط ومعراب، دخل منسق الأمانة العامة لـ"14 آذار" النائب السابق ​فارس سعيد​ على خطّ إظهار الانقسام داخل هذه القوى، حيث أكّد أنّ "14 آذار التي نريد ترفض عون"، لافتاً إلى أنّ "سياسة عون أدخلت السوري إلى بعبدا عام 1990 وستدخل إيران إلى بعبدا عام 2016".

وتفاعل الناشطون مع كلام سعيد، فذكّره علي مشيك بأنّ "عون هو الوحيد الذي كان لديه الجرأة في مواجهة السوري، وهو أوّل من ذهب في تلك الأيّام حيث لا يجرؤ الآخرون"، وسأله علي ناصر عمّا إذا كان القيّمون على "14 آذار" قد باعوها في "سوق الجمعة"، فيما اعتبر هيثم راضي أنّه لم يعد في "14 آذار" سوى النائب دوري شمعون إلى جانب سعيد، لأنّهما لم يجدا "بوسطة سياسيّة" يصعدان عبرها، كما قال.

وعلى جري العادة، لم يخلُ الأمر من بعض المواقف الساخرة لبعض الناشطين، حيث اعتبر علي شندب أنّه "بات من المناسب والأجدى أن تنضمّ أمانة 14 آذار إلى سرايا التوحيد، علّ الوزير السابق وئام وهاب ينجح بالمحافظة على بعض حيثيّتها من الإضمحلال". وفيما رأى إياد أبو شقرا أنّ "حزب الله انضمّ على ما يبدو إلى 14 آذار من دون علمنا"، اختصر عمر لبابيدي المشهد في لبنان اليوم بمعادلةٍ بسيطةٍ معبّرة، "14 آذار لحزب الله: الأمر لك!"