لم يمر اسبوعان على انفجار فردان، حتى دوّت سلسلة تفجيرات متتالية فجر اليوم منطقة ​القاع​ على الحدود السورية اللبنانية. ورغم عدم ارتباط الحادثين لا بالمعطيات ولا بالابعاد، إلا أن ما لا شك فيه أن المشترك بينهما هو أن الوضع الأمني في لبنان عاد إلى مرحلة الهشاشة.

أربعة انتحاريين، وفق المعلومات الأولية، فجروا أحزمة ناسفة كانوا يرتدونها صباح اليوم في منطقة القاع تاركين وراءهم عدداً من الشهداء والجرحى، وكمًّا كبيراً من التساؤلات أولها، هل كانت منطقة القاع هي المستهدفة؟ وهل هذه التفجيرات هي بداية سلسلة كانت الجماعات الارهابية قد وعدت اللبنانيين بها؟

يؤكد الصحافيان ​علي الأمين​ وسركيس ابو زيد، في حديث مع "النشرة"، أن "هذه التفجيرات ليست مستغربة بل متوقعة خصوصاً بعد التهديدات الأخيرة التي اطلقتها الجماعات المسلحة للبنان".

ويرى ابو زيد أن "يقظة القوى الأمنية أخّرت هذه التفجيرات لليوم خصوصاً بعد أن تم الاعلان عن القاء القبض على العديد من الخلايا النائمة"، لافتاً إلى أن "الاجهزة الأمنية قامت بكل ما يمكنها فعله، والدور اليوم على القوى السياسية لتحمل مسؤولياتها".

واذ يعتبر ابو زيد أن لبنان يمر بمرحلة خطيرة، يؤكد أنه "في حال عدم انشاء خطة وطنية لتنظيم تواجد النازحين السوريين سيبقى لبنان معرّضًا للاخطار الارهابية خصوصًا وانّ هذه التنظيمات ستستغل أي ثغرة لتنفيذ أعمالها في لبنان".

من جهته يعزو الأمين هذه التفجيرات لتداخل الأحداث في سوريا ولبنان ولتدخل حزب الله في سوريا، متسائلاً "جرى الحديث عن استعدادات الحزب للقتال في الرقة وادلب فهل هذه التفجيرات هي رسالة تحذيرية له؟!"

منذ قرابة اليومين، كان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قد أعرب عن دهشته أمام وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف من صمود لبنان، لافتاً إلى أن "الوضع فيه خطير لأنه يمر في مرحلة هشاشة استثنائية". هذا اضافة للعديد من التصريحات لعدد من وزراء ورؤساء الدول الأجنبية والتي نبّهت من انفجار الوضع الأمني في لبنان.

وفي هذا السياق، يؤكد الأمين أنه "بمعزل عمّا اذا كان الهدف من تفجيرات اليوم هو منطقة القاع أو لا، الا أن الأكيد هو أننا دخلنا بمرحلة جديدة من التفجيرات بعد الاستقرار الأمني الذي عشناه"، لافتاً إلى "وجود قرار بفصل جديد من التفجيرات خصوصًا وأن عملية اليوم مغايرة لسابقاتها لجهة عدد الانتحاريين". ويضيف: "النكسات التي تصيب حزب الله في حلب اكبر من انتصاراته، ورغم ذلك يمكن وضع هذه التفجيرات في خانة الضغط على الحزب من الداخل اللبناني لردع أعماله في سوريا".

وإذ يضع الأمين هذه التفجيرات في خانة الرسالة التحذيرية، يشدّد على أنّ "لبنان ليس بمنأى عن التفجيرات في ظل اعلان حزب الله المزيد من المواجهات في سوريا".

بدوره، يربط أبو زيد تفجيرات القاع والوضع الأمني في لبنان، بالأحداث الأمنية الأخيرة في الأردن، موضحاً أنه "كان هناك مظلة أمنيّة فوق لبنان والأردن، إلا أن هذه المظلة يبدو وكأنها قد أزيلت ما فتح الباب امام العمليات الارهابية"، مشددا على أن "الارهاب الذي نشهده اليوم هو عابر للحدود ويهدف لتوسيع رقعة انتشاره ليضرب أي منطقة في العالم".

اذاً، ما رسمته تفجيرات القاع هو بداية تفلت الوضع الأمني في لبنان وازالة المظلة الدولية من فوقه، ما يؤشّر لضربات امنية جديدة متوقعة لهزّ الهدوء الأمني النسبي. وان كان أربعة انتحاريين قد القي بهم في عمليّة واحدة صباح اليوم، فما الذي يخبئه الارهابيون للبنان، وماذا ينتظر الوضع الأمني في الأيام المقبلة؟