شهران من “الشغور” البلدي أنهتهما جزين أمس في “جَمعة” تصويت مكتملة. شهران أمضى الملف الجزيني أكثر من نصفهما في مجلس شورى الدولة الذي أعاد الصورة البلدية في المدينة الجنوبية الى طبيعتها، قبل أن تكتمل العناصرُ في صيدا أمس بانتصار الصيغة التي كان متفقًا عليها قبل السيناريو الذي حيك لرأس اللائحة خليل حرفوش والذي ما “انتشى” به صانعوه طويلًا.

في الأمس، غدت لجزين بلدية على رأسها خليل حرفوش العائد ظافرًا من معركةٍ قضائية بطلُها “الشورى” لا بل أبطالُها من وقف الى جانبه من “المحبين والأوفياء” في تلك المرحلة وآمنوا بفرضية عودته المُحقّة الى البلدية.

مفاجأة باهتة

هكذا حصل في سراي صيدا الحكومي في اجتماع ترأسه محافظ الجنوب منصور ضو. اجتماع لم يخلُ هو الآخر من المفاجآت الباهتة بعدما قرر أحد الفائزين في اللائحة الخارقة (العميد نادر أبو نادر) ترشيح نفسه لرئاسة البلدية، لتثمر الدقائق القليلة التي تخللها التصويت فوزًا متوقّعًا ومنطقيًا لحرفوش في رئاسة البلدية بـ15 صوتًا صافيًا وهي نتاجُ التحالف العوني-القواتي في المدينة مع العائلات، بحيث لم يكن أمام الفائزين الـ14 الى جانب حرفوش أي هامش مناورة على ما علمت “البلد” لا سيّما أن إيعازاتٍ واضحة أتت من قياداتهم عشية الاجتماع تشدد على ضرورة عدم الإخلال بالسيناريو المتّفق عليه خلال تشكيل اللائحة والذي يقول إن منصب الرئاسة محفوظ لحرفوش، فيما يتقاسم كلٌّ من بول قطّار وسامر عون منصب نائب الرئيس بمعدّل ثلاث سنواتٍ لكلّ منهما يستهلها قطّار، وعلى هذا الأساس تمّ انتخابُه أمس.

عبور "القطوع"

ثمانية عشر عضوًا حضروا الجلسة بعدما سرت معلوماتٌ عشية الجلسة عن إمكانية تغيُّب أحد الأعضاء القواتيين الفائزين قسرًا، وهو ما زرع بعض المخاوف والتساؤلات إزاء الموقف القواتي، قبل أن يتّضح ظهر أمس أن عباءة الثقة التي نسجتها الرابية ومعراب خلال تفاهمهما الأخير أهلٌ بالثقة وغير قابلة للتمزيق الاستسهالي والسريع عند أوّل مفترق سياسي فكم بالحريّ إذا كان هذا المفترق بلديًا متّفقًا عليه. بسلاسةٍ مضت الجلسة وبلا مفاجآت أو مفارقات، وبسلاسةٍ عبر حرفوش “قطوع” آل الحلو وبعض “المحبّين المزيّفين” الى مدينته حيث كانت في انتظاره احتفالاتٌ في منزله وفي ساحة البلدية (القديمة) وهي الساحة نفسها التي شهدت على دموع “الانكسار” بفارق صوتيْن منذ قرابة شهرين.

تعويض الوقت الضائع

قد تساوي تلك الدقائق المعدودة الكثير لجزينيين انتظروا حسم الأمور على مدى أكثر من شهرين وإنتاج بلدية مقتدرة فاعلة تعوّض ما خسرته المدينة خلال مرحلة “الشغور” القسري، وتضع خططًا مستعجلة لتلقّف ما بقي من الصيف لا سيما أن جزين منطقة سياحية بامتياز ومهرجاناتها تستقطب الآلاف من الجوار ومن مختلف المحافظات اللبنانية. وعليه، بعيدًا من الاعتبارات السياسية التي أنهكت الصيغة البلدية الجزينية ورمتها في الدوائر القضائيّة، يبدو التحدي الملقى على منكبَي البلدية المُنتخبة منذ ساعاتٍ كبيرًا، ويبدو أيضًا أن رئيس البلدية والأعضاء جاهزون لتحمُّل هذه المسؤولية وخوض غمار التعويض والتلقُّف بالركون الى سياسة التنشيط والإنعاش.

صفحة جديدة

لم يكن خيار الاستسلام طوال شهرين ونيّف مطروحًا في حسابات حرفوش الذي آلى على نفسه تقديم الطعن شخصيًا واضعًا ثقته في القضاء اللبناني وفي إرادة الجزينيين. اليوم، وبعد إعلانه رئيسًا لبلدية جزين رسميًا، يقول حرفوش في حديثٍ لـ”صدى البلد”: “توجّهنا أمس (أمس الأول) الى جلسة انتخاب بكامل أعضائنا وكلّنا ثقة بأن لا ألاعيب إضافية داخل لائحتنا، ولكن المفاجأة كانت بترشيح العميد نادر نفسه، بيد أنّ النتيجة كانت في صالحنا. ورغم ذلك نأخذ على أنفسنا عهدًا بفتح صفحة جديدة مع الجميع ولا سيما الفريق الذي خرق، وسنكون على تعاونٍ تام ارتقاءً بالمصلحة العامة في جزين كما اعتاد الجزينيون”. وعن التحدّيات التي تنتظر البلدية لا سيّما أن قطار الوقت غدر بها في متن الصيف يؤكد حرفوش أننا “سنجتمع ابتداءً من صباح الغد (اليوم) وسنبذل قصارى جهدنا للتعويض عن فترة الشهرين الضائعة من خلال خطة عمل سريعة لإنعاش الموسم السياحي بنشاطاتٍ وإعلاناتٍ ومواد ترويجية، وسيكون هذا التعويض من خلال تمديد فترة المهرجانات والنشاطات حتى عيد الميلاد سواء في جزين أم في المنطقة برمّتها. هذا من دون إغفال البنى التحتية التي تحتاج هي الأخرى الى ورشة عمل".

... والاتّحاد؟

بعد ختم “الجرح” البلدي في جزين، تبقى العين على اتحاد بلديات المنطقة الذي ترأسه في الولاية السابقة خليل حرفوش نفسه، وفي هذا الصدد يشير الأخير الى أن “كلّ الاتصالات التي أجريناها في هذا السياق تُفضي الى عدم خوض معركة بالاتفاق والتراضي ما يعني فوزي بالتزكية”. ختامًا، بمَ تسلّحتم طوال شهرين ونيّف لتصبروا وتنالوا ما أراده التوافق العوني-القواتي لجزين؟ يجيب حرفوش: “تسلّحتُ بالحقّ ودموع الجزينيين التي ذُرِفت غداة إعلان خسارتي بفارق صوتين. لأجل هؤلاء صمدت لأنهم منحوني من القوّة والعزم ما خوّلني المضي لأن كرامة هؤلاء الأشخاص من كرامتي ومن كرامة جزين المتجذّرة في تاريخ لبنان. استشعرتُ منذ اللحظة الأولى لتقديمي الطعن بأنني سأفلِح وسأُنصَف، ووقوف الجزينيين الأصيلين الى جانبي منحني القوّة والدعم، لهؤلاء أهدي الانتصار المُستحقّ".

عودة الحياة

هي جزين التي تعود الحياة لتنبض في كواليس بلديتها. هي جزّين التي خطفت الأنظار منذ أيار الفائت في ثلاثيّةٍ لم تنجُ من التعقيد: انتخاباتٌ نيابية فرعية انتهت بأمل، انتخاباتٌ بلديّة متداخلة وفيها الكثير من حسابات التشطيب، وطعنٌ أعاد خلط الأوراق لتعود مشهدية السنوات الستّ المقبلة الى القدر الذي كان مرسومًا لها.