هي ليست المرة الاولى التي تصوّب فيها السهام الى الرئيس بري في كل مرحلة دقيقة أو حساسة، وليست المرة الاولى التي يثار فيها الغبار للتعمية على الحقيقة أكان من بعض الخبثاء او من الذين يتبرعون لتبييض صفحاتهم مع هذا الطرف او ذاك لمآرب ضيقة وشخصية احيانا.

لكن السؤال المطروح لماذا هذه الهمروجة في وجه ما طرحه ويطرحه الرئيس بري انطلاقا من جدول اعمال الحوار الوطني وعلى طاولته من دون مواربة او ضبابية، مستندا الى التجارب اللبنانية ومقتضيات تحقيق الحل المتكامل.

المكتب الاعلامي لرئيس المجلس اكتفى نهارا ببيان مقتضب ردا على الحملة «التي تظهر الأمور كأنها طلاق شخصي بين دولة الرئيس بري ومرشح معين»، موضحاً ان الطروحات التي قدمها الرئيس بري ويضعها بتصرف الجميع تعكس تمسكه بجدول اعمال الحوار الوطني، وهي لا تستهدف أياً من المرشحين بعينه، ولكنها بنظرنا هي الممر الالزامي لاستقرار الوضع السياسي والحفاظ على المؤسسات الدستورية وللحل المتكامل بدءاً بانتخاب رئيس الجمهورية».

ومساء نقل الزوار عن الرئيس بري قوله «ان اللقاءات الشخصية لا توصل الى شيء، والحل هو باللقاء الوطني (الحوار) الذي قلت انني لن ادعو الى استئنافه الا اذا وجدت نتيجة ومنحى جديدا».

ويضيف «اساسا اللقاءات الشخصية لم تنقطع قبل وخلال الحوار وبعده. اما ما يسمى بالسلة فهي مطروحة اصلاً على جدول اعمال الحوار، واعتقد ان لا سبيل للخروج من الازمة الا من خلال الاتفاق عليها. وموقفي هذا ينطبق على النائب فرنجية والعماد عون واي مرشح آخر».

وفي رد على ما ينشر ويسرب في بعض وسائل الاعلام عن مطالب محددة له يقول بري «اذا وجد أحد ان لي مصلحة في اي شيء مما اطرحه فليحذفه فوراً».

وينقل الزوار ايضا عنه «ان بعض الذين لا يريدون اتخاذ موقف معلن من المشاورات التي يقوم بها الرئيس الحريري يتذرعون بي، ويكتشفون انني اضع العقبات في حين ان موقفي معروف وكررته على طاولة الحوار وخارجها وفي لقاءات الاربعاء النيابية وهو الاتفاق على التفاهمات التي تؤدي للحل المتكامل. وهذه التفاهمات لا يمكن عقدها باللقاءات الثنائية او من خلال اللقاءات الشخصية، ولا تتمّ بالمفرّق بل تحصل على طاولة الحوار الوطني ومكانها هذه الطاولة».

واذا كان الرئيس الحريري قد انهى جولته التشاورية امس بلقاء العماد عون فان كل ما جرى حتى الان يمكن وصفه، وفق مصادر مطلعة، بأنه بداية مرحلة تفاوض لحسم الاستحقاق الرئاسي مع العلم انه ابلغ من اجتمع بهم انه «لم يتخلَّ حتى الآن عن ترشيح النائب فرنجية، ولكنه في الوقت نفسه يحاول ايجاد حل للبلد، وهو في مرحلة تفاوض مع العماد عون».

وحسب المعلومات فقد صارح الحريري بعض من التقاهم بأن محصلة هذا الحراك الناشط الذي يقوم به يمكن ان تسفر عن استمرار ترشيحه لفرنجية او تأييد عون او مرشح ثالث او يعلن انه ينفض يده.

وبرأي المصادر ان اللقاءات التي عقدها حتى الان لم تؤد بعد الى ان يحسم موقفه، ما يؤشر الى ان رئيس تيار «المستقبل» سيكون له المزيد من المشاورات، والمفاوضات، وقد تأخذ اشكالا اخرى.

ووفق المعلومات فان اللقاء المطول الذي جمعه في عين التينة مع الرئيس بري وتخلله عشاء عمل كان «لقاء وديا وصريحاً حسب ما نقل زوار عين التينة.

وجرى خلاله استعراض تشكيل الحكومات بما فيها الحكومات من لون واحد وكيف احتاج تشكيلها لجهود وفترات وازمات طويلة.

مع العلم ان تنفيذ اتفاق الدوحة في ما يخص تشكيل الحكومة اخذ ايضا وقتاً رغم المشاركة الاقليمية والدولية في ولادة هذا الاتفاق.

من هنا كان للرئيس بري اضاءة على مثل هذه التجارب التي تؤكد صحة وجهة نظره ومواقفه مما نحن فيه الان.

اما في شأن ضرورة الاتفاق على قانون الانتخابات يقول الرئيس بري حسب زواره، اننا ذاهبون على الانتخابات بعد سبعة اشهر، وهذا بطبيعة الحال يفرض نفسه، ولا اعتقد ان احدا يمكن ان يقبل بالتمديد، ولقد قلت ان التمديد للمجلس لن يحصل قطعا، فحصوله يعني الذهاب الى الخراب، اما قانون الستين فيدرك الجميع انه لم يعد ممكنا الاستمرار عليه. من هنا تكمن اهمية وضرورة انجاز القانون الجديد من ضمن سلة الحل التي كنا بدأنا بنقاشها قبل تعطيل الحوار.

وباعتقاده ان السبيل للوصول الى كل هذه التفاهمات هو العودة للحوار الوطني، لكنني لن ادعو اليه الا اذا وجدت منحى جديداً في هذا الاتجاه.