يتراوح تعاطي الاعلام اللبناني ومعه بعض الاعلام العربي بملف ​الانتخابات الرئاسية​ في لبنان، بين ما هو معلومات وما هو تحليلات وبعض الأحيان تأويلات، وذلك انطلاقا من هوية الكاتب السياسية وتوجهات وسيلة الاعلام، وهذا الواقع ينطبق أيضا على القوى والمكونات السياسية محليا وخارجيا.

ورأت مصادر نيابية وسياسية ان هذا المشهد لم يخرج حتى الان من واقعة حتمية بأن رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون سينتخب رئيسا للجمهورية في 31 من الشهر الجاري، لأن أيّ تطور مغاير يعني ان الأجواء التفاؤلية السائدة معطوفة على من هو معني بالملفّ اللبناني بشكل مباشر أو غير مباشر من الدول وتأكيدها على استقراره الامني والسياسي، ستتبخر وتضع البلاد أمام خيارات الفوضى والخراب إن لم نقل الفتنة والاقتتال الداخلي.

وتأمل هذه المصادر ألاّ يلجأ أي فريق نيابي عن حسن نية او سوء نية الى استفزاز رئيس المجلس النيابي نبيه برّي خلال الجلسة وطرح شكليّات يعود القرار فيها اليه سواء بالنسبة الى دورتين انتخابيتين أو دورة واحدة، لأن حصول مثل هذا الأمر ربما يفتح معركة او معارك كلاميّة تؤدي الى تعطيل جلسة الانتخاب.

ولفتت المصادر إلى أن بعد اعلان النتائج تبدأ مرحلة جديدة مع عهد جديد تتراوح التوقّعات في انطلاقته من تشاؤميّة وصداميّة الى تفاؤليّة تؤدّي الى تشكيل سريع للحكومة الجديدة التي ستخلف حكومة ​تمام سلام​.

ولا ترى المصادر نفسها وجود أيّ مشكلة في أنْ يحظى رئيس تيّار "المستقبل" النائب ​سعد الحريري​ بالأغلبية النيابية المطلوبة لتكليفه تشكيل حكومة العهد الاولى، بعد الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية.

وتتخوف المصادر من ان يكون كلام بري عن "الجهاد الأكبر" بعد العملية الانتخابية مدخلا لاشتباك كان مطروحا على جلسات الحوار، التي كانت تعقد في عين التينة وسينحسر مع وجود رئيس للجمهورية.

ولا تستبعد المصادر بأن ينتقل الحوار الى قصر بعبدا، تمهيدا للبحث عن حلول للمشاكل الأخرى التي ما زالت عالقة، وفي مقدّمها قانون الانتخاب، خصوصًا وان المهلة التي تفصلنا عن هذا الاستحقاق لا تسمح بالمماطلة، مع حرص كل المكوّنات السياسية على عدم تأجيل الانتخابات النيابية، ورفضها بأن تجري على أساس قانون الستين، وفي طليعة هذه القوى المكونات المسيحية الاساسية التي انتخبت العماد ميشال عون رئيسا.

وشددت المصادر على ان القوانين المطروحة للنقاش اصبحت معروفة وتتراوح بين القبول بالنسبيّة المطلقة، او بالمختلط مع استبعاد القانون الأرثوذكسي الذي لن يكون مطروحا من جديد نظرا للمعارضة التي يواجهها من قبل معظم الكتل النيابية، إضافة الى أن انتخاب عون رئيسا سيجعل فريقه النيابي أكثر ليونة لتقبّل أي مشروع آخر يتم التوافق حوله.

وفي هذا السياق ترى مصادر نيابية في "​القوات اللبنانية​" ان القانون المختلط المقدّم من كتلتها والحزب "التقدمي الاشتراكي" وتيار "المستقبل" مع بعض التعديلات ربما يكون المخرج الذي سيمهّد لاقرار قانون جديد وإجراء الانتخابات النيابية على أساسه.

وخلصت المصادر الى أنه في حال عدم التوصّل الى تفاهم حول قانون جديد فإنّ ما هو مطروح لا يتجاوز حلين اثنين، اما اجراء الانتخابات على أساس القانون الحالي (قانون الستين) أو التمديد للمجلس النيابي سنة جديدة، افساحا في المجال أمام المزيد من النقاش والتشاور للخروج بقانون جديد مقبول من الجميع، وهنا تكمن قواعد الاشتباك لأن هناك قوى سياسية فاعلة ترفض هذا الاحتمال وهي وازنة وتستطيع عرقلة العهد، وهذا يتطلب فعلا "جهادا اكبر" للخروج من هذه الازمة على غرار ما حصل ومهّد للخروج من أزمة الاستحقاق الرئاسي.